زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص204
أي تثبيتا بعض أنفسهم على الايمان، فإن المال شقيق الروح فمن بذل ماله لوجه الله ثبت بعض نفسه، ومن بذل ماله وروحه ثبتها كلها، أو تصديقا للاسلام وتحقيقا للجزاء مبتدئا من أصل أنفسهم، وفيه تنبيه على أن حكمة الانفاق للمنفق بتزكية نفسه عن البخل والمن وحب المال ” كمثل جنة بربوة ” أي ومثل نفقة هؤلاء في الزكاة كمثل بستان في موضع مرتفع فإن الشجرة حينئذ يكون أحسن منظرا وأزكى ثمرة، والربوة مثلث الراء ” أصابها وابل ” أي مطر عظيم القطر كما مر ” فآتت اكلها ” أي جاءت بثمرتها ” ضعفين ” أي مثلي ما كانت تثمر بسبب المطر العظيم، فالمراد بالضعف المثل كما اريد بالزوج الواحد في قوله تعالى ” من كل زوجين اثنين ” وقيل أربعة أمثاله ونصبه على الحال أي مضاعفا ” فإن لم يصبها وابل فطل ” أي فيصيبها طل أو فالذي يصيبها طل أو فطل يكفيها لحسن منبتها وبرودة هوائها وارتفاع مكانها، والطل هو المطر الصغير القطر، والمعنى أن نفقات هؤلاء زاكية عند الله تعالى لا تضيع بحال وإن كانت تتفاوت باعتبار ما ينضم إليها من الاحوال ويجوز أن يكون التمثيل لحالهم عند الله تعالى بالجنة على الربوة، ونفقاتهم الكثيرة والقليلة الزائدتين في قرباتهم بالوابل والطل ” والله بما تعملون بصير ” تحذير عن الرياء والمن والاذى وترغيب في الاخلاص.
أيود أحدكم
الهمزة فيه للانكار ” أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الانهار وله فيها من كل الثمرات ” جعل الجنة من النخيل والاعناب مع أن فيها من سائر الاشجار أيضا تغليبا لهما لشرفهما وكثرة منافعهما، ثم ذكر أن فيها من كل الثمرات ليدل على احتوائها على سائر أنواع الاشجار، ويجوز أن يكون المراد بالثمرات المنافع ” وأصابه الكبر ” أي كبر السن فان الفاقة و الفقر في الشيخوخة أصعب والواو للحال ” وله ذرية ضعفاء ” صغار لا قدرة لهم على الكسب ” فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت ” عطف على أصابها، والاعصار ريح عاصفة منعكس من الارض إلى السماء مستديرة كعمود، والمعنى تمثيل حال من يفعل الافعال الحسنة، ويضم إليها ما يحبطها كرياء وإيذاء ومن، في الحسرة والندامة