زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص199
وبعيد من الفاعل أيضا ذلك وأيضا في الاخبار ما يدل على مدح الصدقة عن جهد واحتياج، والاخبار التي تدل على مواساه الاخوان أو التسوية قد تنافي ذلك، و يكفي في ذلك فعل أمير المؤمنين وأهل بيته عليهم السلام حتى نزلت هل أتى، وقوله تعالى ” ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة(1) ” أي حاجة ولكن يوافق الاول ” ولا تبسطها كل البسط “(2) ومثله ” خير الصدقة ما أبقت غنى “(3) ولعل وجه الجمع باعتبار الاشخاص فكل من يقدر على الصبر، ولا تجره الصدقة إلى السؤال، و ارتكاب المحذورات، تكون تصدقه بجهده أفضل، ومن لم يكن كذلك فلا، أو بالنسبة إلى العيال والاهل وعدمهم، الله يعلم.
كذلك يبين الله لكم الآيات
والحجج في أمر النفقة والخمر والميسر المذكورين في صدر الآية(4) أو مطلق أحكام الشرع بيانا مثل هذا البيان أو يبين لكم الآيات والدلائل في امور الدين والدنيا، فكذلك، صفة لمفعول مطلق محذوف.
لكي تتفكروا في امور دينكم ودنياكم، وتفهمونها وتختارون ما هو الاصلح وأنفع لكم مثل العفو على الجهد أو تتفكرون في الدارين فتؤثرون أبقاهما وأكثرهما نفعا ويجوز أن يكون إشارة إلى قوله ” إثمهما أكبر من نفعهما ” أي لتتفكروا في عقاب الاثم في الآخرة، والنفع في الدنيا حتى لا تختاروا النفع القليل العاجل على العقاب العظيم.
الخامسة: يا ايها الذين آمنوا انفقوا مما رزقناكم من قبل ان ياتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون(5).
أي أنفقوا أيها الذين آمنتم بمحمد صلى الله عليه وآله وبما جاء به، فكأن تخصيصهم لانهم المنتفعون، فان الكفار أيضا مكلفون بالفروع على المذهب الصحيح، فكأنه
(1) الحشر: 9.
(2) أسرى: 29.
(3) الكافي ج 4: 46.
(4) صدرها: يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما ويسألونك ماذا ينفقون الاية.
(5) البقرة: 254.