زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص196
الخير، فكلما نزلت بهم حاجة محتاج عجلوا قضاءها ولم يؤخروها ولم يتعللوا بوقت ولا حال، ولا مال دون آخر، خوفا من الفوت وعدم الوصول إلى مرضات الله به، والظاهر من ” أموالهم ” جميع الاموال، ويدل عليه سبب النزول أيضا، وكأن معنى الآية الانفاق في النهار سرا وعلانية، وكذا في الليل، ولعل محصل سبب النزول ذلك والاشارة إلى الانفاق مطلقا والمبالغة في ذلك، وعدم تركه وعدم جعل شئ مانعا له، وإلا فالسر إما ليلا أو نهارا، وكذا العلانية وبالعكس فتأمل.
ويفهم من قوله تعالى ” فلهم أجرهم عند ربهم ” أن ذلك بالاستحقاق وفي القرآن العزيز والاثر الشريف أمثالها كثيرة فقول المجبرة بأن العبد لا يستحق شيئا بعمله باطل، وتفخيم الاجر، وأنه أجر عظيم(1) وأن ذلك أجر الانفاق وأنه لا خوف عليهم من أهوال يوم القيامة، ولا هم يحزنون فيه، مع عظم هول ذلك اليوم وحزن الناس فيه كما هو المعلوم والآيات والاخبار مشحونة به وبالجملة عذاب هذا اليوم وشدته معلوم من الدين ضرورة، بحيث لا يحتاج إلى الاشارة، و مع ذلك المنفق المذكور آمن من ذلك كله بالانفاق المذكور، فكان الانفاق أمرا عظيما عند الله، وأن لله اهتماما بحال الفقراء، وفي الاخبار أيضا ما يدل عليه.
الثالثة: يسئلونك ماذا ينفقون قل ما انفقتم من خير فللوالدين و الاقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فان الله به عليم(2).
السؤال طلب الجواب، وأما كونه بصيغة مخصوصة كما قيد به في مجمع البيان فغير واضح، والنفقة، الظاهر أنها صرف المال، وقال فيه: إنها إخراج الشئ عن ملكه ببيع وهبة وصلة وغير ذلك، وقد غلب في العرف على إخراج ما كان من
(1) بأنه أمر عظيم. سن.
(2) البقرة: 215.