زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص194
لا يستطيعون بيان لجملة احصروا أو صلة اخرى للذين أو حال، وكذا ” يحسبهم ” و ” تعرفهم ” بعلاماتهم من الضعف وصفرة الوجه كأن الخطاب لرسول الله صلى الله عليه وآله أو لكل من يتأمل في شأنهم ” ولا يسألون الناس إلحافا ” أي إلحاحا إما مصدر فان الالحاف سؤال خاص أي السؤال بحيث يلازم المسؤل حتى يعطيه ولا يفارقه إلا باعطاء، أو حال بمعنى ملحفين، والمعنى لا يسألون الناس وإن سألوا لضرورة فلا يسألون سؤال ملحف وملح، وقيل: المراد نفي السؤال والالحاف جميعا، ونقل من كلام العرب مثله(1) وهذا هو المناسب لو فهم، والمراد ليسوا كغيرهم يسألون الناس إلحافا لا أنهم يسألون ولا يلحفون، وبالجملة ذكر الالحاف ليس للاعراض(2) بل هو للوقوع، ووقوعه من غيرهم وكثرة قبحه، وفي الحديث: إن الله يحب الحيي الحليم المتعفف ويبغض البذي السائل الملحف(3).
وما تنفقوا من مال، لهم ولغيرهم، سرا وعلانية في سبيل الله، فانه يعلمه ويجازي عليه على قدر الاستحقاق والمشقة، وحسن المال وحسن الانفاق، والمنفق عليه، والمكان والزمان، وحذفت النون لتضمن ” ما ” معنى الشرط، ولهذا دخل الفاء في الخبر، قيل الفقراء هم أصحاب الصفة وهم نحو من أربع مائة رجل من مهاجري قريش لم يكن لهم مساكن في المدينة ولا عشائر، وكانوا في صفة المسجد يتعلمون القرآن بالليل ويلتقطون النوى بالنهار وكانوا يخرجون مع كل سرية بعثها رسول الله صلى الله عليه وآله فمن كان عنده فضل أتاهم به إذا أمسى(4) وعن ابن عباس وقف رسول الله صلى الله عليه وآله يوما على أصحاب الصفة فرأى فقرهم وجهدهم وطيب قلوبهم فقال أبشروا يا أصحاب الصفة فمن بقي من امتي على النعت الذي أنتم عليه راضيا بما فيه، فانهم من رفقائي(5).
(1) راجع تفسير الكشاف ذيل الاية الشريفة.
(2) للاحتراز خ صح، كذا في هامش عش.
(3) أخرجه في الدر المنثور ج 1 ص 359، مجمع البيان ج 2 ص 387.
(4) مجمع البيان ج 2 ص 387.
(5) تفسير الفخر الرازي ج 7 ص 85.