زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص179
الشدائد، وقرئ ” والصابرون ” وقرئ: والموفين والصابرين.
اولئك الذين صدقوا
أي الموصوفون بالصفات المتقدمة هم الذين صدقوا الله فيما قبلوا وعاهدوا وقت القتال، أو هم الذين صدق أفعالهم نياتهم، وهو المتقون بفعلهم عن نار جهنم وسائر العذاب، أو عن الكفر وسائر المعاصي المهلكة، ويحتمل أن يكون ” وآتى المال ” إشارة إلى غير الزكاة الواجبة من المندوبات والصلات و آتى الزكاة إشارة إليها أو يكون كلاهما في الواجبة: الاولى لبيان المصرف، و الثانية لبيان الفعل فقط، ويكون الذكر على هذا الوجه والتكرار للاهتمام فما قال في مجمع البيان: في الآية دلالة على وجوب إعطاء مال الزكاة المفروضة غير ظاهر عندي إلا باعتبار حصر البر أو حصر الصدق والتقوى في فاعل المذكورات، و ذلك أيضا غير واضح فافهم.
واعلم أنه ليس في الآية دلالة على وجوب الزكاة بل ولا على وجوب شئ من المذكورات، نعم فيها ترغيب وتحريص على الامور المذكورة فيعلم الوجوب من موضع آخر، فما كان فيها أحكام يعتد بها مع أن هذه الاحكام يفهم من غيرها مفصلة، ولكن ذكرتها لمتابعة من تقدمنا كغيرها، واشتمالها على فوائد حتى قال القاضي: والآية جامعة للكمالات الانسانية بأسرها دالة عليها صريحا أو ضمنا فانها بكثرتها وشعبها منحصرة في ثلاثة أشياء: صحة الاعتقاد، وحسن المعاشرة وتهذيب النفس، وقد اشير إلى الاول بقوله ” من آمن – إلى – والنبين ” وإلى الثاني بقوله ” وآتى المال على حبه – إلى قوله تعالى – وفي الرقاب ” وإلى الثالث بقوله ” وأقام الصلاة ” إلى آخرها، ولذلك وصف المستجمع لها بالصدق نظرا إلى إيمانه واعتقاده، بالتقوى باعتبار معاشرته للخلق، وتهذيب أفعاله ونفسه أيضا، وكأنه إليه أشار بقوله صلى الله عليه وآله: من عمل بهذه الآية فقد استكمل الايمان(1) وفيها وفيه دلالة على عدم اعتبار الاعمال في الايمان بل في كماله.
(1) تفسير البيضاوي: 47.