زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص178
والمسكين من ليس له نفقة السنة، على ما قالوا، وابن سبيل من انقطع بسفره عن أهله ويكون غير قادر على الرواح إلى أهله وإن كان غنيا في أهله، و لعله يشترط عدم قدرته على التصرف في ماله الذي في بلده ببيع ونحوه، والسائل الفقير الذي يسأل فهو أخص من المسكين، والظاهر أن الفقر شرط في الجميع على التقدير الاعطاء من الزكاة الواجبة وترك لعدم الالتباس كما قال في الكشاف و تفسير القاضي ” وفي الرقاب ” أي أعطى المال في الرقاب بأن يشتري العبيد والاماء ويعتق مطلقا أو الذين تحت الشدة، أو المكاتبين فقط، والاول هو الظاهر من الآية.
وكذا البر بر من أقام الصلاة بحدودها في أوقاتها مع الشرائط المعتبرة فيها، وبر من آتى الزكاة مع الشرايط أيضا، فهما أيضا عطف على ” آمن ” كما قبلهما ” والموفون ” أي هم الموفون بعهدهم فهو خبر مبتدأ محذوف، أي الذين ذكروا من أصحاب البر هم الذين يوفون بما عاهدوا الله، ويمكن أن يعم العهد واليمين والنذر أيضا، بل لا يبعد شموله لما عاهدوا الناس أيضا، وهم الصابرون أيضا أي الحابسون أنفسهم على ما تكرهه لله ” في البأساء والضراء ” البؤس الفقر والوجع والعلة ” وحين البأس ” وقت القتال وجهاد العدو أو الشدة والرخاء، والصحة و والمرض و ” الصابرين ” قيل منصوب على المدح، أي أعني بمن ذكرناه الصابرين كما أن الموفون مرفوع بالمدح، ولكن وجود الواو غير مناسب في المنصوب بالمدح والمرفوع به أيضا لانهما صفتان في الاصل، ولعدم ما عطفا عليه ظاهرا وكأنه استيناف، ويحتمل أن يكون الموفون عطفا على ” من آمن ” والصابرين بتقدير وبر الصابرين عطفا عليه أيضا، ولكن في الاول حذف المضاف واعرب المضاف إليه بإعرابه.
وفي الثاني اقيم على حاله كما في ” والله يريد الآخرة(1) ” بقراءة الجر بتقدير عرض الآخرة، قال في الكشاف ” الموفون ” عطف على ” من آمن ” وأخرج ” الصابرين ” منصوبا على الاختصاص والمدح، إظهارا لفضل الصبر في
(1) ” تريدون عرض الدنيا والله يريد الآخرة ” الانفال: 67.