زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص173
الجملة وإن كان بعد النهي وقلنا إنه للاباحة بمعنى رفع الحظر أم لا، وهذا يجري في المباشرة أيضا، وتحريم الاكل والشرب بعد الفجر للغاية لان مفهوم الغاية حجة كما هو الحق المبين في الاصول وهذا على تقدير حمل الامر على الاباحة بالمعنى الاعم واضح، وبالمعنى الاخص كذلك بضم أمر آخر إليه لا على حمله على الاستحباب.
وليس ببعيد إخراج جزء ما قبل الفجر أيضا من باب المقدمة، فيحرمان في ذلك أيضا كما يحرمان في جزء من أول الليل كذلك كما هو المصرح في الاصول والمدلل فحينئذ يمكن أن لا يصح النية مقارنة للفجر، فكيف في النهار، لوجوب تقديمها على المنوى بحيث لا يقع جزء منه خاليا عنها يقينا، وذلك لم يتحقق إلا بوقوعها قبله، ففهم أيضا وجوب النية ليلا لان الصوم المنوي الذي هو الامساك في تمام النهار مع جزء من الليل من باب المقدمة لابد أن لا يخلو عن النية يقينا ولو لم تكن في الليل لم يتحقق ذلك، نعم لو فرض تحقق الصوم بدون جزء من الليل يمكن القول بالمقارنة، فيسقط المقدمة كما في سائر ما يجعلونه مقدمة للواجب فبناء على ما تقرر عندهم يلزم مقارنة النية لذلك الجزء، فجوازها من أول الليل وكذا النهار فيما يجوزونه يحتاج إلى الدليل.
فقد ظهر لك من ذلك أنه على تقدير جعل ” حتى ” غاية للمباشرة أيضا لا يدل على جواز الوطئ إلى الفجر، فيدل على جواز وقوع الغسل نهارا وصحة صوم المصبح جنبا، وما ذكره في الكشاف بقوله: قالوا فيه دليل على جواز النية بالنهار في صوم شهر رمضان، وعلى جواز تأخير الغسل إلى الفجر، كما قاله القاضي أيضا غير ظاهر، ثم إن الظاهر أن حتى غاية للشرب لان المذهب الحق الثابت في الاصول أن القيد المذكور بعد الجمل المتعددة للاخيرة فكأنه أشار إليه صاحب الكشاف باسناد ما مر إلى الغير كيف لا، وهو خلاف مذهب الحنفي؟ وأما هنا فيمكن تعلقه بكلوا أيضا لانه مع الشرب كشئ واحد فكأنهما جملة واحدة، أو نقول ليس بمتعلق إلا بالشرب وكون الاكل مثله لدليل آخر من السنة والاجماع