پایگاه تخصصی فقه هنر

زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص153

إن كانا واجبين، والظاهر منها أن الصوم خير من اختيار الفدية قال في الكشاف وتفسير القاضي: ” وأن تصوموا خير لكم ” أيها المطيقون أو المطوقون(1) وحملتم على أنفسكم وجهدتم طاقتكم ” خير لكم ” من الفدية وتطوع الخير، فتدل على التخيير بين الفدية والصوم لهؤلاء الذين ذكرناهم، فيمكن القول به، لكن بشرط عدم حصول العلم بالضرر الذي يؤول إلى وجوب الافطار، والظاهر من عبارات الاصحاب هو جواز الافطار لا الوجوب ” إن كنتم تعلمون ” أي إن كنتم تعلمون ما في الصوم من الفضيلة والمصالح تعرفون أنه خير لكم من الفدية والافطار، ويحتمل أن يكون معناه إن كنتم من أهل العلم والعقل السليم، والتميز بين الحسن والاحسن والقبيح والاقبح(2) تعرفون أنه خير لكم، فالجزاء محذوف، وليس ببعيد كونه إشارة إلى إظهار فضيلة الصوم كما مرت إليها الاشارة في الاخبار مطلقا من غير قيد بما نحن فيه كما هو الظاهر من المعنى الاخير الذي هو أولى وأعم فكأن معناه إن كنتم من أهل العلم والتميز تعرفون خيرية الصوم لكم من الافطار، وبالجملة لا يدل على خيرية الصوم في السفر والمرض عن الافطار كما هو المشهور في ألسنة الطلبة والعوام على طريق التخيير.

والآية دلت على وجوب الافطار للمريض والمسافر وكذا الاخبار بل إجماعهم أيضا على الظاهر، وعلى وجوب القضاء عليهما أيضا، ولكن إذا اتصل المرض إلى رمضان آخر، فهل يجب عليه القضاء أم لا؟ فعموم الآية يفيد ذلك، وذهب إليه بعض الاصحاب والمشهور عدمه لظهور الروايات الصحيحة مع عدم وجوب الفدية لتلك الروايات ويجب القضاء معها – وذهب إليه الصدوقان وقواه في الدروس وأيضا الشيخ زين الدين في شرح الشرايع – إذا لم يتصل المرض إلى رمضان آخر وصح فيما بينهما بحيث يقدر على القضاء وترك سواء كان متهاونا أم غيره، وهو من كان عازما وأخر باعتقاد وسعة الوقت، ثم حصل له مانع، مثل حيض أو مرض أو سفر ضروري، و


(1) إشارة إلى قراء‌ة ابن عباس ” وعلى الذين يطيقونه ” بمعنى يكلفونه منه رحمه الله.

(2) بين الحسن واللاحسن: والقبيح واللاقبيح، عش.