زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص144
لانها تدل على أن هذه الامور مطلقا موجبة لمحو الذنوب، والثواب الجزيل ففيها دلالة على أن العمل فيها لا يقع شكرا بل له أجر وعوض، وأن الذنوب يكفر بالعمل الصالح ومثلها كثيرة فتأمل، كقوله تعالى ” فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره “(1) الآية.
يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون(2)
يمكن أن يستدل بها على استحباب المرابطة المصطلحة مع عدم الضرورة، لعدم القائل، وعلى الوجوب معها فهي محمولة على المرابطة المصطلحة و هي ربط النفس وحبسها في ثغور الكفار لدفع من أراد منهم السوء بالمسلمين إن قدروا، ولاخبار المسلمين حتى يدفعوهم فبأمنوا من مجومهم كما يدل عليه بعض الروايات وقال في مجمع البيان: وروي عن أبي جعفر الباقر عليه السلام أنه قال معناه اصبروا على المصائب، وصابروا على عدوكم، وقيل معنى رابطوا أي رابطوا الصلاة أي انتظروها واحدة بعد واحدة لان المرابطة لم تكن حينئذ روي ذلك عن علي(3) عليه السلام ويؤيده ما روي في انتظار الصلاة بعد الصلاة من الاجر العظيم مثل من جلس في مصلاه بعد الصلاة إلى وقت صلاة اخرى أنه ضيف الله فيكرمه ويعطيه ما سأل(4) قال في مجمع البيان روي عن النبي صلى الله عليه وآله أنه سئل عن أفضل الاعمال فقال: إسباغ الوضوء في السبرات(5) ونقل الاقدام إلى الجماعات وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلك الرباط ثم قال وهذه الآية تتضمن جميع ما يتناوله التكليف لان قوله ” اصبروا ” يتناول لزوم العبادات وتجنب المحرمات ” وصابروا ” يتناول ما يتصل بالغير كمجاهدة الجن والانس وما هو أعظم منها من جهاد النفس ” ورابطوا ” يدخل فيه الدفاع عن المسلمين والذب عن الدين ” واتقوا الله ” يتناول الانتهاء عن جميع المناهي والزواجر والايتمار بجميع الاوامر، ثم يتبع جميع ذلك الفلاح والنجاح، وبالله التوفيق.
(1) الزلزال: 7.
(2) آل عمران: 200.
(3) مجمع البيان ج 2 ص 562.
(4) راجع مستدرك الوسائل ج 2 ص 246.
(5) السبرات جمع السبرة الغداة الباردة.