زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص141
أن مجرد ذلك كاف للطلب وأنه بذلك أهل لها فتأمل.
ربنا إنك من تدخل النار فقد أخزيته
بمنزلة العليل للطلب المتقدم كأنهم قالوا إن لم تغفر لنا فتدخلنا النار، فهو الخزي العظيم الذي لا خزي فوقه فهو تأكيد للطلب، وإلحاح فيه، وإظهار الاحتياج إليه تعالى سواء قلنا المراد هو دوام الخلود أم لا؟ ويؤيده الاخبار، فان الاستعاذة من عذاب النار فيها أكثر من أن تحصى، بل في بعضها ما يدل على أن لا عذاب إلا عذاب النار ” وما للظالمين من أنصار ” أراد بهم مدخلين النار، وضع المظهر موضع المضمر، للاشارة إلى أن سبب الدخول هو الظلم على أنفسهم لا غير، وأنهم يستحقون ذلك، فالعفو والمغفرة إحسان ولطف وتفضل غير لازم، فيدل على أنه بغير التوبة يجوز ويحتمل كما مر، وهو لتأكيد الطلب حيث لا ناصر لهم، وكأن المراد بالناصر: الذي يخلص الداخل منه بنصرة وغلبة على من أراد إدخالهم، فانه الظاهر من الناصر فلا ينافي وجود الشفيع فافهم، ويحتمل أن يراد بالظالمين الكفار، فلا يحتاج إلى التأويل.
ربنا إننا سمعنا مناديا ينادي للايمان أن آمنوا بربكم
أي آمنوا أو بأن آمنوا(1) ” فآمنا ” قيل المنادي هو النبي صلى الله عليه وآله وقيل القرآن، والاول أظهر، و
(1) قيل عليه: فيه إشكال فان الاخيرة إشارة إلى أن كون أن مصدرية، وذلك غير جد فانه يصير التقدير ينادي للايمان بالايمان فأجيب بأنها مخففة من المثقلة، واعترض عليه بأنه لا يدفع الاشكال عن صاحب الكشاف مع أنه لابد للمخففة من أحد حروف أربعة حرف النفي وحرف التحقيق، وحرف الاستقبال إلا أن يدخل على الجملة الاسمية أو على فعل غير متصرف لان أن المصدرية لا تدخل هاهنا ثم قال المعترض ويمكن دفع الاشكال عن القرآن بجعلها زائدة كما جوزه بعضهم وأيضا لا استحالة في كون التقدير ينادي للايمان بالايمان بربكم، لان الاول مطلق والثاني مقيد، فلا تكرار، وأيضا النداء للايمان أعم من أن يكون بلفظ الايمان أو بلفظ آخر متناول له، ومستلزم له، فقال بالايمان ليفيد أن النداء إلى الايمان إنما كان بلفظه.
أقول: في دفع الاشكال على تقدير أن المصدرية لا يلزم أن يكون المأول بالمصدر مصدرا صريحا وقد صرح به السيد الشريف في بعض تحقيقاته وأيضا [ لا قصور في ذلك التقدير فانه لا قصور إذا قيل ينادي للايمان بالايمان بالرب أي ينادي له بقول بكونه مضمونه طلب الايمان