زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص105
وعليكم السلام بتقديم الخبر، لعدم التفاوت بين التقديم والتأخير، ولما تقدم في الرواية المذكورة في مجمع البيان والكشاف والبيضاوي وكذا بالتنكير والتعريف وسلامي وسلام الله ونحو ذلك على الظاهر، وأن الافضلية تحصل بضم ورحمة الله وبركاته مع عدمها في الاول، وأن الانسان مخير في الرد بينهما بظاهر الآية وغيره، ولكن خصص الاحسن بالمسلم، فما قيل إن معنى الآية أن الاحسن للمسلم، والمثل للكافر الكتابي خلاف ظاهر الآية، والاصل عدم وجوب العوض بأحسن، فكلاهما في المسلم يجوز، والاحسن حسن، وفي الكتابي يمكن المثل لما تقدم من الروايتين مع احتمال تخصيص الامر بالمسلم، فلا يجب رد الكتابي أيضا كالحربي لعدم حسن التحية عليهم، بل يجب البغض وعدم المحبة لمن حارب الله ورسوله وينبغي تتبع ما في الرواية مثل وعليك، فتأمل.
ثم إنه ذكر البعض أن السلام على المصلي مستحب وليس بمكروه كأنه للعموم وأنه إذا سلم عليه يجب الرد، ولو ترك يمكن أن يبطل صلاته إن كان وقت السلام مشغولا بذكر من أذكار الصلاة كالقراءة، فان ذلك حرام لفورية الجواب فيكون كلاما أجنبيا منهيا، والنهي في العبادة مبطل لها كما ثبت في الاصول وأنت تعلم عدم صراحة العموم، ولهذا قيل بالكراهة في الخلاء والحمام للعاري وعلى تقديره فالوجوب حينئذ مقدما على أفعال الصلاة ممنوع، لوجوب الموالات في القراءة فلا فورية(1) وعلى تقدير وجوبه قد يكون مساويا مخيرا بينه وبين الموالات، وعلى تقدير الرجحان فتحريم الكلام فرع أن الامر بالشئ مستلزم للنهي عن ضده الخاص وقد حققناه في موضعه، ثم إنه على تقدير ذلك ينبغي أن يكون النهي شاملا للافعال أيضا كالاذكار إذا منعت من الرواح إلى أن يرد إذا سلم وذهب فيبطل الصلاة مطلقا إلا إذا علم إمكان رده، ولم يشتغل قبله بشئ ينافيه، إلا أن يقال لا يجب الذهاب إلى أن يرد وتبطل، فلو تعارضا سقط وجوب
(1) في النسخ: مثلا فورية، والظاهر أنه تصحيف.