زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص99
أو زد عليه
: ” ورتل القرآن ترتيلا ” روي عن أمير المؤمنين عليه السلام(1) في معناه: بينه بيانا ولا تهذه هذ الشعر ولا تنثره نثر الرمل، ولكن اقرع به القلوب القاسية ولا يكونن هم أحدكم آخر السورة.
أي اقرأ متفكرا على هنيئيك كما قيل إنه يكون بحيث لو أراد السامع عد حروف الكلمات لعده كما روي في قراءة رسول الله صلى الله عليه وآله عن عائشة في الكشاف، وقيل: البيان لا يتم بالتعجيل وإنما يتم أن يبين جميع الحروف ويوفي حقها من إشباع الحركات، وكأنه إشارة إلى ما قيل في معناه إنه بيان الكلمات وأداء الحروف، وعن أبي عبدالله عليه الصلاة والسلام قال: إذا مررت بآية فيها ذكر الجنة فاسئل الله الجنة، وإذا مررت بآية فيها ذكر النار، فتعوذ بالله من النار(2) وقيل هو أن يقرأه على نظمه وتواليه، ولا يغير لفظا ولا يقدم مؤخرا وكأن المراد حينئذ الوجوب لا الاستحباب، وروي أبوبصير عن أبي عبدالله عليه السلام(3) في معناه قال هو أن تتمكث فيه، وتحسن به صوتك، وروي عن ام سلمة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يقطع قراءته آية آية، وعن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله يمد صوته مدا(4) وأكثر ما روي في معناه يدل على أنه مستحب فهو مؤيد لحمل قيام الليل على الاستحباب فتأمل.
ويؤيد استحباب القراءة ليلا قوله ” إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا ” يعني سنوحي عليك القرآن، وجه الثقل كون الاحكام الشاقة فيه سيما على رسول الله صلى الله عليه وآله فانه يعمل به ويأمر به، ويبلغ ويتحمل الاذى فيه، ولما فيه من قيام الليل، ومجاهدة النفس، وترك الراحة، أو أنه يثقل في الآخرة في ميزان الاعمال العمل به وقراءته، وأنه قول ربنا فثقيل عظيم ” إن ناشئة الليل ” أي النفس التي تقوم وتنشئ في الليل للصلاة أو القراءة ” هي أشد وطأ ” أي كلفة ومشقة ” وأقوم قيلا ” أي أشد مقالا وقراءة لحضور القلب.
(1) راجع الدر المنثور ج 6 ص 277، اصول الكافي ج 2: 614.
(2) الوسائل الباب 18 من أبواب القراءة في الصلاة.
(3) مجمع البيان ج 10 ص 378.
(4) تيسير الوصول ج 1 ص 199، نيل الاوطار ج 2 ص 213.