زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص94
أصل المزمل المتزمل، من تزمل، ادغم التاء في الزاي كما هو المشهور، لقرب المخرج، أي قم الليل أيها المزمل بالثياب أو بأعباء النبوة للصلاة في جميع الليل أو أن القيام بالليل كناية عن الصلاة بالليل وقال في مجمع البيان: إنه عبارة عن الصلاة بالليل ” إلا قليلا ” منه وهو ” نصفه ” فنصفه بدل عن قليلا، كما هو الظاهر وقلنه بالنسبة إلى جميع الليل، ” أو انقص أو زد ” عطف على ” قم ” بتقدير فتأمل.
وضمير ” منه وعليه ” للنصف أو قليلا، فمعناه قم واشتغل بالصلاة نصف الليل، أو أقل منه أو أزيد منه، وإلى هذا أشار الصادق عليه السلام على ما نقل في مجمع البيان قال عليه السلام القليل النصف أو انقص من القليل، أو زد على القليل، ويبعد كون نصفه بدلا من الليل، لتوسط الاستثناء بين البدل والمبدل منه.
مع الالتباس بل الظاهر خلافه، ولزوم لغوية أو انقص منه، لانه بعينه معنى قوله قم نصف الليل، إلا قليلا، فيحتاج إلى العذر بأنه قيل أو انقص لمناسبة أو زد كما قال في مجمع البيان، أو أنه قد يحسن الترديد بين الشئ على البت وبينه وبين غيره على التخيير كما فعله صاحب الكشاف والقاضي وصاحب كنز العرفان(1) وكلاهما تكلف بعيد عن فصاحة كلام الله تعالى، خصوصا الثاني لان مرجعه إلى التخيير بينهما.
قال البيضاوي: أو ” نصفه ” بدل من الليل، والاستثناء منه، والضمير في منه وعليه للاقل من النصف كالثلث، فيكون التخيير بينه وبين الاقل منه كالربع والاكثر منه، كالنصف، ولا يخفى ما فيه من لزوم لغوية الاستثناء فانه ينبغي أن يقول حينئذ: قم نصف الليل أو انقص منه، ومن أن الاقل ليس مرتبة معينة حتى يقال أو انقص منه أو زد عليه ليصل إلى الربع والنصف وهو ظاهر.
وكذا كون المراد بإلا قليلا: قليلا من الليالي، وهو ليالي العذر والمرض لعدم ظهور كون الليل للاستغراق، وعدم الاحتياج إلى الاستثناء، وللاحتياج إلى التكلف في الاستثناء والبدل، وفي أو انقص أو زد ولما سيجئ في هذه السورة من
(1) كنز العرفان ج 1 ص 150، تفسير البيضاوي ص 345.