زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص88
وغير ذلك، ومنه ذكر ” على ” بعد قوله صلى الله عليه وعلى آله وترك الآل معه صلى الله عليه وسلم مع أنه مرغوب بغير نزاع، وإنما النزاع كان في الافراد، فانهم يتركون الآل معه، و يقولون صلى الله عليه والعجب أنهم يتركون الآل وفي حديث كعب الاحبار(1) حيث يقولون سأله عن كيفية الصلاة عليه، فقال صلى الله عليه وآله قولوا اللهم صل على محمد وآل محمد كما صليت على إبراهيم وآل إبراهيم الخ فتامل.
ويدل على أن إيذاء الله ورسوله حرام موجب للعن أبدا قوله تعالى:” ( إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا) (2) ” ويدل على تحريم إيذاء المؤمنين والمؤمنات، أي المسلمين والمسلمات بغير استحقاق وجناية يقتضي ذلك ويبيحه قوله تعالى ” والذين يؤذون المؤمنين و المؤمنات بغير ما اكتسبوا ” أي بغير جناية واستحقاق تبيح ذلك ” فقد احتملوا بهتانا وإثما مبينا “.
ويدل على أن التقوى وهو الاتيان بالمأمور به، والانتهاء عن المعاصي و القول السديد أي قولا حقا عدلا موجب لاصلاح الاعمال، وغفران الذنوب قوله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعماكم ويغفر لكم ذنوبكم(3) ” والمراد حفظ اللسان في كل باب لان حفظه وسداد القول رأس الخير كله والمعنى راقبوا الله من حفظ ألسنتكم وتسديد قولكم، فانكم إن فعلتم ذلك أعطاكم الله ما هو غاية الطلبة، من تقبل حسناتكم، والاثابة عليها، ومن مغفرة سيئاتكم وتكفيرها، وقيل: إصلاح الاعمال التوفيق في المجئ بها صالحة مرضية.
(1) مر أن الصحيح كعب بن عجزة.
(2) الاحزاب: 57، وما بعدها ذيلها(3) الاحزاب: 70.
وفيه آيات
الاولى: فصل لربك وانحر(1).
قيل: المراد صلاة العيد، فيكون دليلا على وجوبها، ويكون الشرائط مستفادة من السنة الشريفة ويؤيده ” وانحر ” على تقدير أن المراد به نحر الابل كما قيل، ويمكن إرادة ذبح ما ذبح ليدخل الشاة وغيرها أيضا، أي صل صلاة العيد، واذبح اضحيتك، ويكون المراد الهدي الواجب، أو يكون وجوب الاضحية مخصوصا به صلى الله عليه وآله للاجماع المنقول على الظاهر على عدم وجوبها على امته، بل هي سنة مؤكدة للاخبار المذكورة في محلها، وإن نقل الوجوب عن ابن الجنيد في في الدروس قال: وروى الصدوق خبرين(2) بوجوبها على الواجد، وأخذ ابن الجنيد بهما، وقيل المراد صلاة الفجر بالمشعر، وذبح الهدي بمنى، وقيل المراد الصلاة مطلقا وجعل نحر المصلي إلى القبلة فيها، وهو كناية عن استقبال القبلة فيها فكأنه قيل: صل إلى القبلة ويحتمل كون المراد رجحان فعل الصلاة لله مطلقا والذبح له، ويكون التفصيل بالوجوب والندب من السنة والاجماع وقد نقل في مجمع البيان(3) أخبارا دالة على أن المراد رفع اليد بالتكبيرات في الصلاة إلى محاذات نحر الصدر وهو أعلاه كالمنحر، أو موضع القلادة قاله في القاموس وهي رواية عمر بن يزيد قال سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول في قوله ” فصل لربك وانحر ” هو رفع يديك حذاء وجهك، ورواية عبدالله بن سنان عنه عليه الصلاة والسلام مثلها ورواية جميل قال: قلت لابي عبدالله عليه الصلاة والسلام ” فصل لربك وانحر ” فقال بيده