زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص78
عذاب يوم القيامة، وهو عظيم، وأي عظيم نعوذ بالله منه.
قيل(1) في الآية أحكام، ما عرفناها بل لم يظهر كون بعضها حكما في نفس الامر مثل وجوب اتخاذ المساجد كفاية، ووجوب عمارة ما استهدم منها، ووجوب شغلها بالذكر، واستحباب كل واجب كفائي عينا فتأمل وهو أعلم.
الثامنة: انما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الاخر واقام الصلوة وآتى الزكاة ولم يخش الا الله فعسى اولئك ان يكونوا من المهتدين(2).
فيها حث عظيم وترغيب جزيل على تعمير المساجد، وأن له شانا كبيرا عند الله حتى أنه لابد من اتصاف فاعله بهذه الاوصاف الجليلة، وإلا ففعله كعدمه فينبغي أن يكون التعمير ممن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، ولم يخش إلا الله وإلا فتعميره ليس تعميرا مرضيا.
والمراد المبالغة، وإلا فالتعمير أمر مطلوب للشارع من كل مؤمن ويترتب عليه ثوابه الذي قرره [ الله ] ولكن قد يكون فيه الزيادة بالاخلاص، واتصاف فاعله بالافعال الحسنة، ولا بعد في ذلك، ولهذا قيل ” حسنات الابرار سيئات المقربين ” فكأنه إشارة إلى أن المؤمن الكامل لم يترك شيئا من العبادات، بل يجعل غير الله معدوما حتى لم يخف مما يهلكه من الانس والجن، ويجعل خوفه وطمعه منحصرا فيه تعالى، ومع ذلك يرجى أن يكون من المهتدين.
ثم إنه قيل يحتمل أن يكون المراد بالتعمير رم المساجد باصلاح ما يستهدم وتزيينها، وإزالة ما تكره النفس منه، مثل كنسها، فانه روي: من كنس مسجدا يوم الخميس وليلة الجمعة وأخرج من التراب مقدار ما يذر في العين غفر له(3) والاسراج فيها روي أنه من أسرج في مسجد سراجا لم تزل الملائكة وحملة العرش
(1) راجع كنز العرفان ج 1 ص 6 10.
(2) براءة: 19.
(3) الوسائل أبواب أحكام المساجد الباب 8.