زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص75
موضع تسكنون فيه ” وجعل لكم من جلود الانعام ” يعني الادم ” بيوتا ” قال القاضي ويجوز أن يتناول المتخذ من الوبر والصوف والشعر فانها من حيث إنها نابتة على جلودها يصدق عليها أنها مأخوذة من جلودها، فتأمل فيه ” تستخفونها ” قبابا وخياما يخف عليكم حملها في أسفاركم ” يوم ظعنكم ” أي وقت ارتحالكم من مكان إلى آخر ” ويوم إقامتكم ” أي الوقت الذي تنزلون موضعا تقيمون فيه، لا يثقل عليكم في الحالين ” ومن أصوافها ” وهي للضأن ” وأوبارها ” وهي للابل ” و أشعارها ” للمعز(1) ” أثاثا ” مالا، قيل أنواعا من متاع البيت من الفرش والاكسية ” ومتاعا ” أي سلعة تنتفعون بها وتتخذونها ” إلى حين ” إلى يوم القيمة عن الحسن وقيل إلى وقت الموت، يحتمل أن يراد به موت المالك أو موت الانعام، وقيل إلى وقت البلى والفنا، وفيه إشارة إلى أنها فانية فلا ينبغي للعاقل أن يختارها كذا في مجمع البيان والاول بعيد.
السادسة: والله جعل لكم مما خلق ظلالا(2).
أي وجعل لكم مما خلق من الاشجار والابنية ظلالا أشياء تستظلون بها في الحر والبرد ” وجعل لكم من الجبال أكنانا ” مواضع تسكنونها من كهف و ثقبة تأوون إليهما ” وجعل لكم سرابيل ” قمصا من القطن والكتان والصوف ” تقيكم الحر ” ترك البرد، لان ما يقيه يقيه، واختاره على البرد، لان المخاطبين أهل الحر وليس عندهم البرد إلا قليلا، فالحفظ عنه أهم عندهم، و قيل: إن الحر يقتل دون البرد، ويحتمل أن البرد يمكن دفعه بشئ مثل النار والدخول في البيت، بخلاف الحر ” وسرابيل ” الدروع والجواشن ” تقيكم
(1) الشعر ما ينبت من مسام البدن مما ليس بصوف ولا وبر، وهو عام، وقول المصنف ” للمعز ” تمثيل، قال في الكليات: الشعر للانسان وغيره، والصوف للغنم، والمرعزاء للمعز، والوبر للابل والسباع، والعفاء للحمير، والهلب للخنزير، والزغب للفرخ، و الريش للطائر، والزف للنعام.
(2) النحل: 81.