زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص74
كأنه إشارة إلى بيان المستثنى الذي أشار إليه بقوله ” إلا ما يتلى(1) ” فمن المحرمات المتلوة الميتة والظاهر أنها كل حيوان فارقته الروح من غير تذكية شرعية، ولو باخراج المسلم السمك من الماء حيا وأخذ الجراد كذلك ويحتمل أن يكون المراد كل حيوان مأكول اللحم حين حياته، وفارقته الروح من غير تذكية شرعية فيكون التحريم من جهة الموت الخاصة كما هو ظاهر سوق الآية، وظاهر لفظ الميتة مشعر بأن ما لم تحل فيه الحياة منها لا يكون حراما ولهذا استثناه الاصحاب مؤيدا بالاجماع على الظاهر والاخبار ويمكن أن يقال: المتبادر من تحريم الميتة تحريم أكلها كما في الدم ولحم الخنزير، وإن ثبت تحريم جميع انتفاعاتها فيكون بغيرها ويحتمل فهمه أيضا ولهذا قالوا يحرم جميع الانتفاعات بالميتة لان العين ما تحرم، وتقدير الاعم أولى، لئلا يلزم الاجمال والترجيح بلا مرجح، إذ لا قرينة على الخصوص فافهم وحينئذ يدل على عدم جواز لبس جلد الميتة في الصلاة وغيرها، دبغت أم لا، كما يدل عليه الاخبار بل إجماع الاصحاب، ولا دلالة في الآية على نجاسة الميتة فتأمل، وسوف يأتي البحث في تتمة الآية في كتاب الاطعمة إنشاء الله تعالى.
الرابعة والخامسة: والانعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تاكلون(3)، الاية.
عد الله تعالى نعما منها خلق الانعام للانسان، المشتملة على الدفء و هو ما يدفأ به من الاكسية والملابس المأخوذة من شعرها وصوفها ووبرها، ومنافع اخرى لهم مثل الركوب واللبن والحرث، وأكل لحومها وغيرها ثم عد نعما اخر بقوله ” والله جعل لكم من بيوتكم ” أي جعل من البيوت المأخودة من الحجر والمدر وغيرهما ” سكنا ” أي ما تسكن النفس إليه، وتطمئن إليه من مسكن و
(1) في قوله تعالى:” ( أحلت لكم بهيمة الانعام إلا ما يتلى عليكم) ” المائدة: 1.
(2) النحل: 79 و 80.