پایگاه تخصصی فقه هنر

زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص69

ليست بمخصوصة بمكان دون مكان، ويريد الله أن يدفع بذلك وهم من يتوهم عدم إمكان التوجه إلى جهة واحدة من جميع الامكنة.

إن الله واسع

الرحمة يريد التوسعة واليسر لعباده ” عليم ” بمصالحهم فان المصلحة الحاصلة للصلاة في المساجد حاصلة لهم في أي مكان كان مع التولية وحصول سائر الشرايط، وليست هذه بمنسوخة ولا مخصوصة بحال الضرورة ولا بالنوافل مطلقا أو حال السفر كما يفهم من سائر التفاسير.

أما سبب النزول فقيل كان اليهود أنكروا تحويل القبلة إلى الكعبة عن بيت المقدس، وقيل نزلت في [ صلاة ] التطوع على الراحلة، حيث توجهت حال السفر قاله في مجمع البيان ثم قال: هذا مروي عن أئمتنا عليهم السلام روي عن جابر أنه قال: بعث النبي صلى الله عليه وآله سرية(1) كنت فيها وأصابتنا ظلمة، فلم نعرف القبلة، فقال طائفة منا قد عرفنا القبلة هي هنا قبل الشمال فصلوا وخطوا خطوطا، قول بعضنا القبلة هي ههنا قبل الجنوب فخطوا خطوطا فلما أصبحوا وطلعت الشمس أصبحت تلك الخطوط لغير القبلة، فلما رجعنا من سفرنا سألنا النبي صلى الله عليه وآله عن ذلك فسكت فأنزل الله تعالى هذه الآية.

وقيل كان للمسلمين التوجه حيث شاؤا في صلاتهم، وفيه نزلت الآية ثم نسخت بقوله تعالى ” فول ” الآية ويفهم من رواية جابر أنه لا تجب الصلاة حال الحيرة إلى أكثر من جانب واحد ويكفي الظن إلى جهته، وإن لم يكن عن علامات شرعية وأن العلم قبل الفعل ليس بشرط بل إذا حصل الظن وفعل وكان موافقا لغرضه كان مجزيا لا يحتاج إلى الاعادة، كما يفهم من عبارات الاصحاب.

وأما الحكم المستفاد من الآية بناء على الاول فهو إباحة الصلاة في أي مكان كان، وعموم التوجه إلى المسجد الحرام، وأما على ما يستفاد من ظاهرها قبل التأمل فهو عدم اشتراط القبلة مطلقا ويقيد بحال الضرورة، أو النافلة على الراحلة سفرا لما مر، وغير ذلك، ويحتمل عموم النافلة فتأمل.


(1) السرية العسكر الذي لم يكن فيها النبي صلى الله عليه وآله.


الرابع : في مقدمات اخر للصلاة

وفيه آيات

الاولى: يا بني آدم قد انزلنا عليكم لباسا(1).

أي خلقناه لكم بتدبيرات سماوية وأسباب نازلة منه، ونظيره قوله تعالى:” ( وأنزل لكم من الانعام) “(2) وقوله تعالى ” (وأنزلنا الحديد) (3) ” فأشار إلى أن للامور السماوية مثل المطر دخلا في حصول اللباس، وقد تكون إشارة إلى الرتبة فقط، فان حصول اللباس لما كان بأمر الله وحكمته، وكان عاليا، فصار نازلا من الاعلى إلى الاسفل ” يواري سوء‌اتكم ” صفة ” لباسا ” يستر عورتكم و روي أن العرب كانوا يطوفون بالبيت عراة ويقولون لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها ” وريشا ” عطف على لباسا، وهو لباس التجمل.

ففي الاول إشارة إلى وجوب ستر العورة باللباس مطلقا لقوله يواري سوء‌اتكم فانه يدل على قبح الكشف وأن الستر مراد الله تعالى، وفي الثاني إلى استحباب التجمل باللباس ويمكن فهم اشتراط كون اللباس مباحا لان الله تعالى لا يمن باعطاء الحرام ” ولباس التقوى ” أي خشية الله أو الايمان أو لباس يقصد به العبادة والخشية من الله تعالى والتواضع له كالصوف والشعر، أو مطلق اللباس الذي يتقى به من الضرر، كالحر والبرد والجرح، مبتدأ ” وذلك خير ” خبره بأن يكون ” ذلك ” مبتدأ ثان(4) وخبره ” خير ” والجملة خبر لباس، أو ” ذلك ” صفته وخير خبره أي لباس التقوى المشار إليه خير، وقرئ بالنصب(5) عطفا على لباسا كأنه يريد على الاخير لباس يتقى به عن الحر والبرد والجرح والقتل دون اللباس الذي