زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص54
هو ما لا ينفع(1) أيضا داخل في الاعراض عن اللغو فكأنه للتأكيد وبالجملة هو شامل لكل من الفعل والترك اللذين لا ينفعان، ولا يحصل الاعراض عن ذلك إلا بترك المباحات أيضا فعلا وتركا، فيوجب ذلك الاشتغال بالعبادة دائما فتأمل.
فدلت على الترغيب بالخشوع بالمعنى المتقدم [ فيها ] حتى كاد أن يكون له دخل عظيم في الايمان، أي في كماله فدلت على استحباب بعض الافعال في الصلاة وكراهية البعض على الاجمال، وتفصيله يعلم من الاخبار، ومذكور في الفروع وكذا دلت على الترغيب بالاعراض عن اللغو، بل يفهم وجوب ذلك حيث إن له دخلا في الايمان أي في كماله، وقارنه بفعل الزكاة، وترك الزنا ودلت أيضا على أن فعل الزكاة وترك الزنا كذلك حيث قال عاطفا على الذين ” والذين هم للزكاة فاعلون والذينهم لفروجهم حافظون ” الآية، المراد بالزكاة هنا المصدر فيكون مثل ما يقال ” فاعل الضرب ” باضافة الفاعل إلى الاحداث كما هو المتعارف مثل أن يقال ” من فاعل هذا ” يقال ” زيد أو الله أو خلق الله.
قوله ” والذين هم على صلواتهم يحافظون ” في مجمع البيان أي يقيمونها في أوقاتها ولا يضيعونها، وإنما أعاد ذكر الصلاة تنبيها على عظم قدرها وعلو رتبتها عنده تعالى ” اولئك هم الوارثون ” معناه أن من كان بهذه الصفات واجتمعت فيه هذه الخلال، هم الوارثون يوم القيامة منازل أهل النار من الجنة، فقد روي عن النبي صلى الله عليه وآله قال ما منكم من أحد إلا وله منزلان في الجنة ومنزل في النار فان مات ودخل النار ورث أهل الجنة منزله، وقيل إن معنى الميراث هنا أنهم يصيرون إلى الجنة بعد الاحوال المتقدمة، وينتهي أمرهم إليها، كالميراث الذي يصير الوارث إليه، ثم وصف الوارثين فقال: ” الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون ” الفردوس اسم من أسماء الجنة، وقيل هو اسم لرياض الجنة، وقيل هي جنة مخصوصة، قال في الكشاف: ليس ذكر الصلاة هنا مكررا بل لانهما مختلفان إذ وصفوا أولا بالخشوع في صلاتهم وآخرا بالمحافظة عليها، وذلك بأن لا يسهو
(1) فترك الذي هو قوله مالا ينفع خ.