زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص47
المشتق حقيقة لمن اتصف به وقتا ما، وكذا على تقدير كونه حقيقة حين اتصاف المشتق بالمبدء فقط، فان ذلك ليس بمراد ها هنا، فيتعين الاول.
] فقد نفى الله العهد الذي هو الامامة عمن صدق عليه أنه ظالم في الجملة ](1).
فحاصله أن الذي اتصف أو يتصف بالظلم بالفعل أي وقتا ما أو بالامكان على الخلاف بين المنطقيين لا تناله الامامة، وتخصيصه بوقت دون آخر يخرجه عن ظاهره ولا يجوز ذلك إلا بدليل يجوز تخصيص مثله بمثله وليس، وكذا الكلام في الامام والخليفة فلزم من كلامه عدم جواز كون من اتصف بفسق ما وقتا ما نبيا وإماما فلابد من كونهم معصومين من أول عمرهم إلى آخره من الكبائر على زعمه أيضا وهو خلاف مذهب الاشاعرة بل خلاف معتقده، فانه يعتقد وقوع الكبائر منهم مثل ما وقع من آدم على نبينا وآله وعليه السلام فانه سمي بالعصيان والظلم أيضا في قوله تعالى:” ( وعصى آدم ربه – فتكونا من الظالمين) (2) ” بل بوقوع الكفر ممن يعتقد إمامته إلا أن يؤول ذلك بالصغاير وتختص الآية بالنبوة، وهو بعيد، إذ الظاهر أن العهد هو الامامة وهي أعم كما ذهب إليه صاحب الكشاف كما مر وفهم من كلام القاضي أيضا حيث قال: وإن الفاسق لا يصلح للامامة بعد إثبات العصمة للانبياء قبل البعثة، وأيضا للعلة الظاهرة من الآية وهي الظلم.
وكذا استدلال الاصحاب بها على وجوب العصمة عن الذنوب مطلقا للنبي صلى الله عليه وآله والامام، فكأنهم نظروا إلى أن الظلم في الاصل هو انتقاص الحق، وقيل وضع الشئ في غير موضعه من قولهم ” ومن أشبه أباه فما ظلم(3) ” أي فما وضع الشبه في غير موضعه كذا في مجمع البيان أو التعدي عن حدود الله كما يفهم من قوله تعالى:” ( ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) (4) ” وغيره إذ لا شك أن فعل الصغيرة خروج عن الاستقامة والطاعة، وأنه نقص ووضع في غير المحل، وتعد عن
(1) تكرر هذه العبارة هنا في كل النسخ، والظاهر أنها سهو.
(2) طه: 121 والاية الثانية في البقرة، 35، الاعراف: 19.
(3) كقول الشاعر: وبأبه اقتدى عدى في الكرم ** ومن يشابه أبه فما ظلم.
(4) الطلاق: 1.