پایگاه تخصصی فقه هنر

زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص36

الصغر وسن اليأس وغيرها مما لا يتناهى فلا يمكن، الجرء‌ة في الاحكام الالهية بمثل هذه الاشياء.

فإذا تطهرن فآتوهن

أي، فجامعوهن فالامر بالجماع للاباحة بالمعنى الاخص أو بالمعنى الاعم فيمكن حينئذ الاحكام الاربعة فيه ” من حيث أمركم الله ” من قبل الطهر لا من قبل الحيض عن السدي والضحاك، وقيل من قبل النكاح دون الفجور عن ابن الحنفية، والاول أليق قال الزجاج معناه عن الجهات التي يحل فيها، ولا تقربوهن من حيث لا يجوز مثل كونهن صائمات أو محرمات أو معتكفات، وقال الفراء: ولو أراد الفرج لقال في حيث فلما قال ” من حيث ” علمنا أنه أراد من الجهة التي أمركم الله فيها كذا في مجمع البيان ” إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين ” أي بالماء، ويدل عليه سبب نزول قوله تعالى ” فيه رجال(1) ” الآية المشهورة، وقيل التوابين من الكباير، والمتطهرين من الصغاير كأنه بالتوبة أيضا، أو بأنهم لم يفعلوها، ولم يذكر المطهرات لدخولهن في المطهرين كما في كثير من الاحكام، أو يكون المراد بهما التائبين عن الدخول في الحيض والمتنزهين عنه(2).


(1) براء‌ة: 108.

(2) أقول، والذي يحصل بعد التدبر في الآية الشريفة – وهو الظاهر منها – أن الحائض لها ثلاثة أحوال – حالة الطمث التي تجرى من رحمها الدم، وقد حرم وطيها بصريح الاية الشريفة ” فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن ” وحالة اخرى بعدها قد نقيت الرحم من الدم، لكنها لم تغتسل عن قذارة الدم وتبعتها وهي العرق والارواح الخبيثة التي صاحبتها، والاية الشريفة ساكتة عن حكمها، وحالة اخرى بعد الاغتسال وهو غسل البدن كلها، والاية ” فاذا تطهرن فآتوهن ” تصرح بجواز إتيانها فان الامر عقيب الحظر لمطلق الاباحة والجواز – بل تدعو إلى اتيانها بقوله ” من حيث أمركم الله ” يعني بذلك قوله تعالى ” نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم “. والكلام في الحالة الثانية فاما أن تسكت عما سكت الله، واما ان نتدبر في ذلك والتدبر يقتضي الكراهية، لان الحيض الذي كان بصريح الآية أذى موجبا للاعتزال قد ذهب وحصل النقاء، فلا حرمة، لكنه لم يطب بعد وطيها بحكم الاية الشريفة فان الاية انما استطاب وطيها وأمر به بعد التطهير المطلق وهو الاغتسال الشرعي (فان عدم تقييد التطهير بعضو دون عضو كما في غسل الجنابة يقتصى الاستيعاب) فاذا لم تتطهر ولم تغتسل بعد، حكمنا بعدم الاستطابة وهو معنى الكراهية، ودون ذلك في الكراهية ما إذا تطهرت لكن مقيدا بغسل الفرج من قذارة الدم، لا بالاطلاق كما هو مفاد الاية الشريفة.

ولذلك أفتى أهل البيت عليهم السلام بجواز وطيها خصوصا إذا غسلت فرجها مع شبق زوجها كما في حديث محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام أو بدونه كما في حديث علي بن يقطين عن أبي عبدالله عليه السلام.