زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص28
عدم [ جواز ] دخوله المسجد فبقي ما ذكرناه من الادلة سالما عن المعارض فتأمل. ” إن الله كان عفوا غفورا ” أي كثير الصفح والتجاوز كثير المغفرة والستر على ذنوب عباده.
الثالثة: وما امروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة(1).
لعل المامورين هم الاناس المكلفون أو الكفار فقط، وهو أظهر بحسب اللفظ والاول بحسب المعنى ” مخلصين ” حال عنهم ” والدين ” مفعوله ” وحنفاء ” حال آخر و ” يقيموا ويؤتوا ” عطف على ” يعبدوا ” أي امروا بأن يعبدوا الله مخلصين له ما يوجب الدين أي الجزاء والاجر وهي العبادة ولا يعبدوا غيره ولا يشركوه في عبادة الله، وفيها إشارة إلى أن الرئاء شرك فتأمل ” حنفاء ” أي مائلين عن الطريق الباطل إلى طريق الصواب والحق فهو تأكيد لحصر العبادة في الله المفهوم من قوله ” إلا ” بعد تأكيده بالاخلاص، وعطف يقيموا ويؤتوا يدل على زيادة الاهتمام بشأن الصلاة والزكاة.
واستدل بها على وجوب النية في العبادات كلها حتى الطهارات مائية و ترابية، وفي الدلالة تأمل ظاهر، خصوصا على ما فسر البيضاوي وما امروا أي الكفار في كتبهم، نعم يمكن الاستلال بها على إيقاع ما ثبت كونها عبادة شرعية على وجه الاخلاص لا غير، وأما النية على الوجه الذي ذكرها الاصحاب فلا، وهم أعرف ويدل أيضا على وجوب التعبد وهو واضح، والدليل عليه كثير، بل لا يحتاج إلى الدليل ويؤكده ” وذلك دين القيمة ” أي دين الملة المستقيمة الحقة ويحتمل كون المراد بالدين التعبد أي إيقاع العبادة مخلصا وإقامة الصلاة وإيتاه الزكاة هو التعبد بالملة المستقيمة وهي شريعة نبينا صلى الله عليه وآله وكون الاضافة بيانية.
وتقدير الملة الذي فعله المفسرون لاظهار موصوف القيمة فانها صفة، وأما ما قاله في مجمع
(1) البينة: 5.