زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص23
وجهها، ويمكن أن يقال المراد اشتراط التقوى في تلك العبادة أي لا يقبل الله العبادة إلا من المتقين فيها بأن يأتي به بحيث لا يكون عصيانا مثل أن يقصد بها الرئاء أو غيره من المبطلات أو المراد تقوى عن ذنب ينافي تلك العبادة فيكون إشارة إلى أن الامر بالشئ يستلزم النهي عن ضده وهو موجب للفساد، وبالجملة يشترط في قبولها عدم كونها معصية ولا مستلزما لها، الله يعلم ” لئن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لاقتلك إني أخاف الله رب العالمين ” قال في الكشاف: كان هابيل أقوى من قابيل، ولكنه تحرج عن قتله واستسلم له خوفا من الله تعالى لان الدفع لن يبح بعد أو تحريا لما هو الافضل، قال عليه الصلاة والسلام: كن عبدالله المقتول، ولا تكن عبدالله القاتل، ويمكن أن يقال التسليم غير ظاهر، وكذا كونه مباحا فان وجوب حفظ النفس عقلي ولا يمكن إباحة التسليم الذي هو ينافيه بل هو قتل النفس والآية لا تدل على التسليم، فانه قال ” ما أنا بباسط يدي إليك لاقتلك ” فانه يدل على عدم بسط اليد بقصد قتله لا للدفع أيضا وهو ظاهر ويمكن فهم وجوب الدفن من آخر الآية(1) فافهم.
الثانية: يا ايها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وان كنتم مرضى او على سفر او جاء احد منكم من الغائط او لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وايديكم ان الله كان عفوا غفورا(2).
أي لا تصلوا أيها المؤمنون، والمخاطبون هم الذين يعلمون ما يقولون من السكارى وليس كل سكران لا يعقل فيصح تكليفهم ونهيهم عن الصلاة حين علموا
(1) يعني قوله تعالى، فبعث الله غرابا يبحث في الارض ليريه كيف يوارى سوءة أخيه ” والايات في سورة المائدة: 27 – 31.
(2) النساء: 42.