زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص15
عليكم لعلكم تشكرون(1).
تخصيص المؤمن بالخطاب لان الكافر لم يقم إلى الصلاة، ولانه المنتفع به كما في أكثر التكاليف “إذا قمتم إلى الصلاة” أي إذا صليتم فإن المراد بالقيام قيامها، والتقدير إذا أردتم الصلاة مثلا “إذا قرأت القرآن فاستعذ بالله”(2) فاقيم مسبب الارادة مقامها للاشعار بأن الفعل ينبغي أن لا يترك ولا يتهاون فيه، ويفعل سابقا على القصد الذي لا يمكن إلا بعده، فظاهر الامر الوجوب، فيجب الوضوء للصلاة بأن يعسل الوجه.
والغسل محمول على العرفي، وفسر باجراء الماء على العضو ولو كان بالآلة وأقله أن يحري ويتعدى من شعر إلى آخر، وظاهرها يدل على وجوبه كلما قام إليها لان ظاهر ” إذا ” العموم عرفا وإن لم يكن لغة، ولان الظاهر أن القيام إليها علة، ولكن قيد بالاجماع والاخبار بالمحدثين.
وقيل: كان ذلك في أول الامر ثم نسخ وقيل الامر فيه للندب ورد النسخ بما روي عنه صلى الله عليه وآله: المائدة آخر القرآن نزولا فأحلوا حلالها وحرموا حرامها ولي في النسخ تأمل إلا أن يقال المراد نسخ وجوب الوضوء على المتوضئين المفهوم من عموم فاغسلوا، فعمومه منسوخ، وليس ذلك بتخصيص حيث كان العموم مرادا معمولا به، وكذا في الندب إلا ان يقال الندب بالنسبة إلى المتوضئين فيكون المراد به الرجحان المطلق، فكان الندب بالنسبة إلى المتوضئين والوجوب بالنسبة إلى غيرهم هذا صحيح ولكن ليس هذا قولا(1) بان الامر للندب فقط كما قاله في الكشاف وأيضا قال فيه حمله على الوجوب والندب إلغاز وتعمية، فلا يجوز في القرآن لانه استعمال اللفظ في وقت لمعنييه الحقيقي والمجازي في إطلاق واحد، وفيه تأمل لانه مجاز والمجاز غير إلغاز، ولكن بعيد لعدم القرينة إلا أن يريد مع فهم التفصيل فهو إلغاز ولكن يجوز ذلك بالبيان النبوي ” كما في سائر الاطلاقات والعمومات المخصوصات مثل آيات الصلاة والزكاة وغيرها.
(1) المائدة: 6.
(2) النحل: 98.
(3) في المطبوعة: ولكن هذا قول الخ، وهو سهو.