زبدة البیان فی احکام القرآن-ج1-ص9
وعنه عليه السلام أيضا الايمان قول مقول وعمل معمول، وعرفان بالعقول، واتباع الرسول صلى الله عليه وآله.
ويدل على ضعف مذهبهم عطف العبادات على الايمان في القرآن العزيز بل الاخبار أيضا.
وأيضا إسناد الايمان إلى القلب في مثل قوله تعالى ” وقلبه مطمئن بالايمان ” ” اولئك كتب في قلوبهم الايمان ” ” ولما يدخل الايمان في قلوبكم “(1) وأيضا اقتران الايمان بالمعاصي في مثل قوله ” وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا ” و ” يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى ” و ” الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم “(2) وأيضا تكليف المؤمن بالعبادات واجتناب المنهيات مثل قوله تعالى ” يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله “(3) وغير ذلك من الآيات.
ولو كان الاعمال داخلة فيه لما حسن جميع ذلك، ويحتاج إلى التأويل والتكلف، فلا يصار إليه إلا بدليل قطعي المتن وقوي الدلالة إذ الخروج عن ظاهر القطعي لا يجوز إلا بأقوى منه أو بالمثل، وأيظا الاصل والاستصحاب وعدم الخروج عن معناه اللغوى، فأنه فيها بمعنى التصديق اتفاقا على ما قالوه، ومعلوم أن الخروج عنه إلى التصديق والاقرار والاعمال يحتاج إلى دليل قوى بخلاف التصديق الخاص، فانه بعض أفراد معناه اللغوى، ولا يبعد ضم الاقرار أيضا إليه، باعتبار أن الكتمان للعناد وغيره إذا تمكن من الاظهار لا يجوز، وفيه أنه لا يستلزم الدخول حتى أنه لو لم يقل ذلك بالقول لا يكون مؤمنا بل لا يستلزم عدم العلم أيضا وأيضا باعتبار أنه إما مرادف للاسلام أو أخص، ومعلوم اعتبار الاقرار فيه، وفيه أيضا أن لمانع أن يمنع ذلك وهو ظاهر فالعمل غير داخل في الايمان، والاخبار الواردة بذلك محمولة على الايمان الكامل الذي يكون للمؤمنين المتقين المتورعين المخلصين المقبولين.
وأما الايمان المطلق عند الاصحاب فهو التصديق والاقرار بالله وبرسله و
(1) النحل: 106، المجادلة: 22 الحجرات: 14، على الترتيب.
(2) البقرة: 178، الانعام: 82، على الترتيب.
(3) النساء: 59، القتال: 33.