فقه القرآن-ج2-ص422
وقوله ” فمن عفي له من أخيه شئ ” ، كقولك ” سير ” يريد بعض السير ، ولا يصح أن يكن ” شئ ” في معنى المفعول به ، لان عفى لا يتعدى إلى المفعول به الا بواسطة .
و ” أخوه ” هو ولي المقتول ، وذكره بلفظ الاخوة ليعطف أحدهما على صاحبه بذكر ما هو ثابت بينهما من الجنسية والاسلام .
فان قيل : ان ” عفا ” يتعدى بعن لا باللام ، فما وجه قوله ” فمن عفى له ” ؟ قلنا : يتعدى بعن إلى الجاني والى الذنب فيقال ” عفوت عن فلان وعن ذنبه ” قال تعالى ” عفا الله عنك ” ( 1 وقال ” عفا الله عنها ” ( 2 ، فان تعدى إلى الذنب قيل ” عفوت لفلان عما جنى ” كما يقال ” تجاوزت له عنه ” .
وعلى هذا فما في الاية كأنه قيل : فمن عفا له من جنايته .
فاستغنى عن ذكر الجناية .
فان قيل : هنا فسرت عفا بترك جنى يكون شئ في معنى المفعول به .
قلنا : لان عفا الشئ إذا تركه ليس يثبت ولكن أعفاه ذمته ، قوله عليه السلام ” أعفوا اللحى ” .
فان قيل : فقد ثبت قولهم ” عفا الشئ ” إذا نحاه فان له فهلا فعلت معناه فمن عفا له من أخيه شئ .
قلنا : عبارة قلقه في مكانها ، والعفو في الجنايات عبارة مشهورة في الشرع فلا نعدل عنها .
مسألة : قول ” ولكم في القصاص حياة ” ( 3 عرف القصاص ونكر الحياة ، لان المعنى
1 ) سورة التوبة : 43 .
2 ) سورة المائدة : 101 .
3 ) سورة البقرة : 179 .