فقه القرآن-ج2-ص303
انما يكون لوصية الموصي ، فأما أمر الله بالوصية فلا يقدر هو ولا غيره أن يبدله .
قال الرماني : وهذا باطل ، لان ذكر الله للوصية انما هو لوصية الموصيفكأنه قيل كتب عليكم وصية مفروضة عليكم ، فالهاء تعود إلى الوصية المفروضة التي يفعلها الموصي .
وقوله ” فمن بدله ” فالتبديل هو تغيير الشئ عن الحق فيه ، والبدل هو وضع شئ مكان آخر .
ومن أوصى وصية في ضرار فبدلها الوصي لم يأثم بذلك .
قال ابن عباس من أوصى في ضرار لم تجز وصيته ، لقوله ” غير مضار ” .
والوصي إذا بدل الوصية لم ينقص من أجر الموصي شئ كما لو لم يبدلها لانه لا يجازى أحد على عمل غيره ، لكن يجوز ان يلحقه منافع الدعاء والاحسان الواصل إلى الموصى له على غير وجه الاجر له .
وفي الاية دلالة على بطلان قول من يقول ان الوصي أو الوارث إذا لم يقض دين الميت فانه يؤخذ به في قبره أو في الاخرة ، إذ لا اثم عليه في تبديل غيره فأما ان قضى عنه من غير أن أوصى به فان الله تعالى يتفضل باسقاط العقاب عنه ان شاء الله .
ثم قال تعالى ” فمن خاف من موص جنفا أو اثما فأصلح بينهم فلا اثم عليه ” ( 1 لما حذر في الاية الاولى الوصي من تبديل أمر الوصية وأوعده أن يجاوز ما أمر به أعقب ذلك بما للوصي أن يفعله فيما جعل إليه من الوصية ، لان الاولى كالعموم وهذا تخصيص له ، فكأنه قال ليس للوصي أن يبدل أمر الوصية بعد سماعه الا أن يخاف من الموصي أنه أمر بغير المعروف مخالفا لامر الله ، فحينئذ للوصي أن يبدل ويصلح لانه رد إلى أمر الله .
1 ) سورة البقرة : 182