فقه القرآن-ج2-ص300
نسخها كان ذلك دعوى باطلة ونحن نخالف في ذلك ، وقد خالف في نسخها طاوس ، فانه خصها بالكافرين لمكان الخبر ولم يحملها على النسخ ، وقد قال ابو مسلم محمد بن بحر ان هذه الاية مجملة وآية المواريث مفصلة وليست نسخا ، فمع هذا الخلاف كيف يدعى الاجماع على نسخها .
ومن ادعى نسخها بقوله عليه السلام ” لا وصية لوارث ” ( 1 فقد أبعد ، لان هذاأولا خبر واحد لا يجوز نسخ القرآن به اجماعا ، ولو سلمنا الخبر لجاز أن نحمله على أنه لا وصية لوارث فيما زاد على الثلث ، لانا لو خلينا وظاهر الاية لاجزنا الوصية بجميع ما يملك للوالدين والاقربين ( 2 .
وأما من قال ان الاية منسوخة بأنه للوارث ، فقوله أيضا بعيد من الصواب لان الشئ انما ينسخ غيره إذا لم يكن الجمع بينهما ، فأما إذا لم يكن بينهما تناف ولا تضاد بل يمكن الجمع بيهما فلا يجب حمل الاية على النسخ ، ولا تنافى بين ذكر ما فرض الله للوالدين وغيرهما من الميراث وبين الامر للوصية لهم على جهة الخصوص ، فلم يجب حمل الاية على النسخ .
وقول من قال حصول الاجماع على أن الوصية ليست فرضا يدل على أنها منسوخة .
باطل أيضا ، لان اجماعهم على أنها لا تفيد الفرض لا يمنع من كونها مندوبا إليها ومرغبا فيها ، ولاجل ذلك كانت الوصية للاقربين الذين ليسوا بوارثين ثابتة بالاية ولم يقل أحد انها منسوخة في حيزهم .
ومن قال ان النسخ في الاية ما يتعلق بالوالدين – وهو قول الحسن – فقد قال قولا ينافي ما قاله مدعو نسخ الاية على كل حال ، ومع ذلك فليس الامر على ما قال ، لانه لا دليل على دعواه .
1 ) مسند احمد بن حنبل 4 / 186 .
2 ) ذكر المرتضى الحديث المروى عن النبي ” ص ” بشأن الوصية للوارث وتكلم في طرقه والرد عليه – راجع الانتصار ص 309 – 310 .