فقه القرآن-ج2-ص290
قلنا : لا شبهة في أن ايجاب مالا يتناهى لا يصح ، غير أنا نفرض المسألة فنقول : قد ثبت أن من وقف وتصدق على بعض فقراء المؤمنين يكون فاعلا للخير ، وفعل المرة صحيح غير محال ، فيجب تناول الاية له ، وهكذا يفرض في كل مسألة .
وموضع استدلالنا بعموم هذه الاية وامثالها على استحباب شئ من العبادات أو وجوب شئ من القربات هو أن نعين على ما يصح تناول الايجاب والاستحباب له ثمندخله في عموم الاية .
( باب )
قال الله تعالى ” وأقرضوا الله قرضا حسنا ” ( 1 نزلت حين وقف بعض الانصار نخيلا ، وسمى تعالى ذلك قرضا تلطفا في القول ، لان الله تعالى من حيث أنه يجازيهم على ذلك بالثواب فكأنه استقرض منهم لرد عوضه .
وانما قال ” حسنا ” أي على وجه لا يكون فيه وجه من وجوه القبح .
و ” ما تقدموا لانفسكم من خير تجدوه عند الله ” ( 2 أي ما تعطوا الفقراء والمساكين تجدوا ثوابه وجزاءه .
ثم اعلم أن وجوه العطايا ثلاثة ، اثنان منها في الحياة وواحد بعد الوفاة ، فالذي بعد الوفاة هو الوصية ، ولها كتاب مفرد نذكره فيما بعد انشاء الله ، وأما اللذان في حال الحياة فهما الهبة والوقف ، وللهبة باب مفرد يجئ بعد هذا .
وأما الوقف فهو تحبيس الاصل وتسبيل المنفعة ، وجمعه وقوف وأوقاف ، وقفت يقال ولا يقال أوقفت الاشاذا نادرا ، ويقال حبست وأحبست .
1 ) سورة الحديد : 18 .
2 ) سورة البقرة : 110