فقه القرآن-ج2-ص278
معناه : الشيطان انما يريد ايقاع العداوة والبغضاء بينهم بالاغراء المزين لهم ذلك حتى إذا سكروا زال عقولهم وأقدموا من المكاره والقبائح ما كانت تمنعهم منه عقولهم .
وقال قتادة : كان الرجل يقامر في ماله وأهله فيقمر ويبقى سليبا حزينا فيكسبه ذلك العداوة والبغضاء .
وقوله ” ويصدكم عن ذكر الله ” أي يمنعكم من الذكر لله بالتعظيم والشكر على آلائه ، لما في ذلك من الدعاء إلى الصلاح واستقامة الحال في الدين والدنيا .
وقوله تعالى ” فهل أنتم منتهون ” صيغته الاستفهام ومعناه النهي ، وانما جاز ذلك لانه إذا ظهر قبح الفعل للمخاطب صار في منزلة من نهي عنه ، فإذا قيل له أتفعله بعد ما قد ظهر من أمره ، صار في محل من عقد عليه باقراره .
فان قيل : ما الفرق بين انتهوا عن شرب الخمر وبين لا تشربوا الخمر ؟ قلنا : الفرق بينهما أنه إذا قال ” انتهوا ” دل ذلك على أنه مريد لامرينا في شرب الخمر ، وصيغة النهي تدل على كراهة الشرب ، لانه قد ينصرف عن الشرب إلى أحد أشياء مباحة ، وليس كذلك المأمور به ، لانه لا ينصرف عنه الا إلى محظور ، والمنهي عنه قد ينصرف عنه إلى غير مفروض .
ثم قال ” وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول واحذروا فان توليتم فاعلموا أنما على رسولنا البلاغ المبين ” ( 1 لما أمر سبحانه باجتناب الخمر والميسر والانصاب والازلام أمر بطاعته في ذلك وفي غيره من أوامره ، ثم أمر بالحذر وهو امتناع القادر من الشئ لما فيه من الضرر والخوف ، وهو توقع الضرر الذي لا يؤمن كونه .
” فان توليتم ” الوعيد ” فاعلموا ” انكم قد استحققتم العذاب لتوليكم عما أدى رسولنا من البلاغ المبين .
1 ) سورة المائدة : 92