فقه القرآن-ج2-ص272
واختلف في الاستثناء إلى ماذا يرجع : فقال قوم يرجع إلى جميع ما تقدم ذكره من قوله ” حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة ما أكل السبع ” الا مالا يقبل الذكاة من لحم الخنزير والدم ، وهو الاقوى ، وهو المروي عن علي عليه السلام وابن عباس ، قال وهو أن تدركهيتحرك رجله أو ذنبه أو تطرف عينه ، وهو المروي عنهما عليهما السلام .
وقال آخرون : هو استثناء من التحريم لانه من المحرمات ، لان الميتة لا ذكاة لها ولا الخنزير .
قالوا : والمعنى حرمت عليكم الميتة والدم وسائر ما ذكر الا ما ذكيتم مما أحله الله تعالى له بالتذكية فانه حلال لكم .
وسئل مالك عن الشاة يخرق جوفها السبع حتى يخرج أمعاؤها .
فقال : لا أرى أن تذكى ولا تؤكل ، أي شئ يذكى منها .
وقال كثير من الفقهاء : انه يراعى أن يلحق وفيه حياة مستقرة فيذكى فيجوز أن يؤكل ، فأما ما يعلم أنه لا حياة فيه مستقرة فلا يجوز بحال .
( فصل ) فان قيل : فما وجه تكرير قوله تعالى : ” وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة ” وجميع ما عدد تحريمه في هذه الاية يعمه قوله تعالى ” حرمت عليكم الميتة ” وان اختلف أسباب موته من خنق أو ترد أو نطح أو اهلال لغير الله أو اكيل سبع ، وانما يكون كذلك – يعني قول من يقول انها وان كانت فيحياة إذا كانت غير مستقرة – فلا يجوز أكلها .
قلنا : الفائدة في ذلك أن الذين خوطبوا بذلك لم يكونوا يعدون الميت الا ما مات حتف أنفه من دون شئ من هذه الاسباب ، فأعلمهم الله تعالى ان حكم الجميع واحد وان وجه الاستباحة هي التذكية الشرعية .