فقه القرآن-ج2-ص264
والطيب قد يكون مستلذا ، وقد اطلق في موضع آخر فقال ” ومما رزقناهم ينفقون ” ( 1 .
ثم اعلم ان الطيب يقع على الحلال كقوله ” يا ايها الرسل كلوا من الطيبات ” ( 2 ، ويقع على الطاهر كقوله تعالى ” فتيمموا صعيدا طيبا ” ( 3 ، ويقع على مالا أذى فيه كما يقال زمان طيب ومكان طيب للذي لاحر فيه ولا برد ، ويقع على ما يستطاب من المأكول يقال هذا طعام طيب لما تستطيبه النفس ولا تنفر منه .
( فصل ) ثم قال تعالى ” اليوم احل لكم الطيبات ” ( 4 أي ما تستطيبونه ولا تستخبثونه فردهم إلى عادتهم .
ولا يمنع ان يقال المراد به مالا اذى فيه من المباح الذي ليس بمحرم ، فكأنهم لما سألوه عن الحلال فقال هو مالا يستحق المدح والذم بتناوله ، وذلك عام في جميع المباحات سواء علمت كذلك عقلا أو شرعا .
ومن اعتبر العرف والعادة اعتبر عرف اهل الترف والغنى المكنة الذين كانوا في القرى والامصار على عهد النبي صلى الله عليه وآله حال الاخبار دون من كان من اهل البوادي من جفاة العرب .
فإذا قيل : عادتهم مختلفة .
قلنا : اعتبرنا العام الشائع دون الشاذ النادر .
وقوله تعالى ”
حل لكم ” مبتدأ وخبر ، وذلك يخص عند اكثر اصحابنا بالحبوب لانها المباحة من اطعمة اهل الكتاب ، فأما ذبائحهم وكل مائع يباشرونه بأيديهم فانه ينجس ولا يحل استعماله .
وتذكيتهم لا تصح ، لان من شرط صحتها التسمية لقوله تعالى ” ولا تأكلوا
1 ) سورة البقرة : 3 .
2 ) سورة المؤمنون : 51 .
3 ) سورة النساء : 43 .
4 ) سورة المائدة : 5