فقه القرآن-ج2-ص263
وهذه خطاب لجميع الناس ، يعني ان من آمن بالله لا يحل ولا يحرم الا بأمره ، ومن امتنع من اكل ما أحل الله فقد خالف أمره والله أحل المستلذ .
فقوله ” كلوا ” يحتمل أن يكون اباحة وتخييرا وأمرا على الايجاب أو الندب فالامر في وقت الحاجة إليه ، إذا لا يجوز لاحد أن يترك ذلك حتى يموت مختارا مع امكان تناوله .
والاذن على ان اكل المستلذ مما ملكتم ، وهو الحلال مباح لكم .
وفي الاية دلالة على النهي عن أكل الخبيث في قول بعض المفسرين ، كأنه قيل كلوا من الطيب دون الخبيث كما لو قال كلوا من الحلال لكان ذلك دالا على حظر الحرام .
وهذا صحيح فيما له ضد قبيح مفهوم ، فأما غير ذلك فلا يدل على قبح ضده ، لان قول القائل ” كل من مال زيد ” لا يدل على أن المراد تحريم ما عداه ، لانه قد يكون الغرض البيان لهذا خاصة ، وذكر الشرط ههنا انما هو على وجه المظاهرة في الحجاج .
قال سبحانه ” يا ايها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما احل الله لكم ” .
والتحريم هو العقد على مالا يجوز فعله للعبد ، والتحليل حل ذلك العقد ، وذلك كتحريم السبب بالعقد على اهله فلا يجوز لهم العمل فيه ، وتحليله تحليل ذلك العقد وذلك يجوز لهم الان العمل فيه .
” ولا تعتدوا ” إلى ما حرم عليكم ، واعتداء الحد مجاوزة الحكمة إلى ما نهى عنه الحكيم وزجر عنه اما بالعقل أو بالسمع .
ثم قال تعالى ” وكلوا مما رزقكم الله حلال طيبا ” والرزق هو ما للحي الانتفاع به وليس لغيره معه منه .
فان قيل : إذا كان الرزق لا يكون الا حلالا فلم قال الله تعالى ” حلالا طيبا ” .
قلنا : ذكر ذلك على وجه التأكيد كقول ” وكلم الله موسى تكليما ” ( 1 ،
1 ) سورة النساء : 164 .