فقه القرآن-ج2-ص153
ما ذكرناه من فقد العلم ، فروى مطرف عن عمرو بن سالم قال : قال أبي بنكعب : يا رسول الله ان عددا من عدد النساء لم يذكر في الكتاب الصغار والكبار وأولات الاحمال ، فأنزل الله تعالى ” واللائي يئسن من المحيض ” إلى قوله تعالى ” وأولات الاحمال أجلهن أن يضعن حملهن ” ( 1 .
وكان سبب نزول هذه الاية الارتياب الذي ذكرناه ، ولا يجوز أن يكون الارتياب بأنها آيسة أو غير آيسة .
لانه تعالى قد قطع في الاية على الناس من المحيض بقوله تعالى ” واللائي يئسن ” والمشكوك في حالها والمرتاب في أنها تحيض أو لا تحيض لا تكون آيسة ، والمرجع في وقوع الحيض منها أو ارتفاعه إليها وهي المصدقة على ما تخبر به ، فإذا أخبرت بأن حيضها قد ارتفع قطع عليه ولا معنى للارتياب مع ذلك .
وإذا كان المرجع في الحيض إلى النساء ومعرفة الرجال به مبنية على اخبار النساء وكانت الريبة المذكورة في الاية منصرفة إلى اليأس من المحيض ، فكان يجب أن يقول تعالى ان ارتبتم أو ارتبن ، لانه حكم يرجع إلى النساء ويتعلق بهن فهن المخاطبات به ، فلما قال تعالى ” ان ارتبتم ” فخاطب الرجال دون النساء علم أن المراد هو الارتياب في العدة ومبلغها ( 2 .
ثم قال : فان قيل : ما أنكرتم أن يكون الارتياب ههنا ، انما هو بمن تحيض أولا تحيض ممن هو في سنها على ما يشرطه بعض أصحابكم .
قلنا : هذا يبطل بأنه لاريب في سن ومن تحيض مثلها من النساء أولا تحيض ، لان المرجع فيه إلى العادة .
ثم إذا كان الكلام مشروطا فالاولى أن يعلق الشرط بما لا خلاف فيه دون ما فيه
1 ) اسباب النزول ص 290 بهذا المعنى .
2 ) أي ارتبتم في كيفية عدتهن وانها بالشهور أو الحيض أو الاطهار ” ه ” .