فقه القرآن-ج2-ص60
اؤتمن الامانة ، يعني على الذي عليه الدين بأن يؤدي إليه حقه في محله ويؤدي الامانة كما وثق به واعتقد فيه ، أي ليقض دينه الذي أمنه عليه .
والائتمان افتعال من الامن ، يقال أمنه وائتمنه .
” وليتق الله ربه ” أن يظلمه أو يخونه وهو وثق به وائتمنه ولم يرتهن منه شيئا .
وقرأ ابن عباس ومجاهد ” ولم تجدوا كتابا ” يعني ما تكتبون فيه من طرس وغيره .
وإذا ارتهن صاحب الدين وأشهد فقد أكد الاحتياط .
ولا بأس أن يكون الرهن أكثر قيمة من المال الذي عليه أو أقل ثمنا منه أو مساويا له ، لان عموم اللفظ يتناوله على الاحوال .
وانما قلنا ان الاحوط هو الاشهاد مع التمكن وان استوثق من ماله رهنا ، لانه ان اختلفا في مقدار المبلغ الذى الرهن لاجله كان على المرتهن البينة ، فان لم يكن له بينة فعلى صاحب الرهن اليمين .
وكذا إذا اختلفا في متاع فقال الذيعنده أنه رهن وقال صاحب المتاع أنه وديعة كان على المدعي لكونه رهنا البينة بأنه رهن ، وقد روي أن القول قول المرتهن مع يمينه لانه أمينه ، والبينة على الراهن ما لم يستغرق الرهن ثمنه .
ومن أدل الدليل على أن الاشهاد والارتهان يصح اجتماعهما قوله تعالى بعد هذا ” ولا تكتموا الشهادة ” يعني بعد تحملها ” ومن يكتمها فأنه آثم قلبه ” انما أضاف إلى القلب مجازا لانه على الكتمان ، والا فالاثم هو الحي ، وقالت عائشة : الصامت عن الحق كالناطق بالباطل ، وكاتم الشهادة كشاهد الزور .
” والله بما تعملون عليم ” يعني بما تسترونه وبما تكتمونه .
وانما ذكر تعالى بعد ذلك ” وان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله ” لان المعنى فيه كتمان الشهادة .
ويحتمل أن يريد جميع الاحكام التي تقدمت ، خوفهم الله من العمل بخلافه .