فقه القرآن-ج2-ص41
إلى قوله تعالى ” ليس عليكم جناج أن تأكلوا جميعا أو أشتاتا ” ( 1 .
والاول أقوى ، لان ما أكل على وجه مكارم الاخلاق فليس هو أكلا بالباطل .
وقيل : معناه التجاوز والاخذ من غير وجهه ولذلك قال تعالى ” بينكم ” .
وقوله تعالى ” الا أن تكون تجارة ” فيه دلالة على بطلان من حرم الكسب ، لان الله حرم أكل الاموال بالباطل وأحله بالتجارة على طريق المكاسب ، ومثله قوله ” وأحل الله البيع وحرم الربا ” ( 2 .
وقوله تعالى ” عن تراض منكم ” قيل في معنى التراضي بالتجارة قولان : أحدهما – امضاء البيع بالتفرق أو التخاير بعد العقد في قول شريح والشعبي وابن سيرين ، لقوله عليه السلام ” البيعان بالخيار ما لم يفترقا ” ( 3 أو يكون بيع خيار .
وربما قالوا أو يقول أحدهما للاخر اختر ، وهو مذهبنا .
الثاني – امضاء البيع بالعقد على قول مالك بن أنس وابي حنيفة بعلة رده إلى عقد النكاح ، ولا خلاف أنه لا خيار فيه بعد الافتراق .
وقيل معناه إذا تغابنوا فيه مع التراضي فانه جائز .
ثم قال تعالى ” ولا تقتلوا أنفسكم ” أي لا تهلكوها بترك التجارة وبارتكاب الاثام والعدوان في أكل الاموال بالباطل وغيره ” ومن يفعل ذلك عدوانا وظلما فسوف نصليه نارا ” الاشارة إلى أكل الاموال بالباطل .
وقوله تعالى ” الا أن تكون تجارة ” من رفع فالمعنى الا أن يقع ، ومن نصب فمعناه الا أن تكون الاموال تجارة ، أي أموال تجارة ، وحذف المضاف ، ويكون الاستثناء منقطعا ، ويجوز أن يكون التقدير الا أن تكون التجارة تجارة .
والرفع أقوى ، لانه أدل على الاستثناء ، فان التحريم لاكل المال بالباطل على الاطلاق .
1 ) سورة النور : 61 .
2 ) سورة البقرة : 275 .
3 ) الكافي 5 / 170 .