فقه القرآن-ج1-ص385
اخراجها مما يشق على الورثة ويتعاظمهم ، فكان أداؤها مظنة للتفريط ، بخلاف الدين فان نفوسهم مطمئنة إلى أدائه ، فلذلك قدمت على الدين بعثا على وجوبها والمسارعة إلى اخراجها بعد الدين .
وقضاء الدين عند حلول الاجل انما يجب مع المطالبة ، فمن مات وعليه دين مؤجل حل أجل ما عليه ولزم ورثته الخروج عما كان عليه من ماله وتركته ، وكذلك ان كان له دين ( 1 ) مؤجل حل أجل ماله وجاز للورثة المطالبة به في الحال .
ومطل الدين ودفعه مع القدرة ظلم ، فمن عليه دين لا ينوي قضاءه كان بمنزلة السارق ، وإذا كان عازما على قضائه أعانه الله عليه وكان له بذلك أجر كبير ، فان حضرته الوفاة أوصى إلى من يثق به أن يقضي عنه .
وانما قدم الله الوصية على الدين في القرآن في الايتين في سورة النساء مع وجوب البدءة بالدين ثم بالوصية – على ما أمر به على لسان رسوله – لان أولايوجب الترتيب لانه لاحد الشيئين ، فكأنه قال من بعد أحد هذين مفردا أو مضموما إلى الاخر ، ولان وجوب رد الدين يعلم عقلا ، فقدم الله في اللفظ الوصية عليه اشعارا بأنه أيضا واجب ، وان اخراج الدين من اصل التركة واخراج الوصية من ثلثها .
على أن الوصية أعم من الدين فحسن تقديمها لفظا ، فان الدين يدخل فيها فالمحتضر يوصي بدينه .
والغالب من احوال من يحضره الموت الوصية ، والدين لا يكون الا نادرا .
( باب الصلح )
وهو من توابع الدين وغيره ، فربما يضطر فيه إليه .
قال الله تعالى ( فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير ) ( 2 ) .
( 1 ) في م ( عليه دين ) .
( 2 ) سورة النساء : 128 .