فقه القرآن-ج1-ص375
أمره ، وعلما بأن الكتاب يحكم له عليهم ، وأنهم لو حاكموا عليا في أول ما دعاهم إلى ما في القرآن لوجدوه من السابقين الاولين من المهاجرين ، ووجدوه من المجاهدين الذين لا يقاس به القاعدون ، ومن المؤمنين بالغيب ، ومن أولياء الله الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون ، ومن العلماء الذين يتقون الله حق تقاته ، ومن الموفين بالنذر المطعمين على حب الله المسكين واليتيم والاسير ( 1 ) ، ووجدوا أباه أبا طالب أشد من حامى رسول الله ، ووجدوا معاوية في الطلقاء وأبناء الطلقاء ، فلما نابهم حر القتل أمر برفع المصاحف .
وكان على عليه السلام يقول لاهل العراق – حين قالوا له : يا أمير المؤمنين قد أنصفك حين دعاك إلى ما في الكتاب فان لم تجبه إلى ذلك شددنا مع العدو عليك فان الله يقول ( فان تنازعتم في شئ فردوه إلى الله والرسول ) ( 2 ) – فقال على عليه السلام : كلمة حق يراد بها باطل ، اصبروا على ابن هند ساعة يفتح الله لكم .
ولما لم ينجع كلامه منهم وأبى الذين فسدت قلوبهم من أصحابنه الا النزول عند حكم معاوية وضع على عليه السلام نفسه موضع المستضعفين المعذورين وعمل على قول الله ( فاتقوا الله ما استطعتم ) ( 3 ) ، وكانوا يشتدون عليه ليجيب معاوية إلى ما كان يدعو إليه من التحكيم حتى قال : لا رأي لمن لا يطاع .
وقد بين الله عذر علي عليه السلام في ذلك بقوله ( الان خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فان يكن منكم مائة صابرة يغلبوا مائتين ) ( 4 ) الاية .
فألف من المؤمنين إذا قاتلوا ألفين من الكافرين هم اكفاء بعضهم لبعض ، فإذا استأمن رجل واحد من المؤمنين مرتدا إلى الكفار وصار الكفار زيادة على الالفين
( 1 ) هذه الجمل اشارة إلى ما نزل في على عليه السلام من الايات .
( 2 ) سورة النساء : 59 .
( 3 ) سورة التغابن : 16 .
( 4 ) سورة الانفال : 66 .