فقه القرآن-ج1-ص366
( ويسعون في الارض فسادا ) هو ما قلناه في اشهار السيف واخافة السبيل .
وجزاؤهم على قدر الاستحقاق : ان قتل قتل ، وان أخذ المال وقتل قتل وصلب ،وان أخذ المال ولم يقتل قطعت يده ورجله من خلاف ، وأن أخاف السبيل فقط فانما عليه النفي لا غير .
هذا مذهبنا ، وهو المروي عنهما عليهما السلام ، وهو قول ابن عباس وابن مجلز وسعيد بن جبير والسدي وقتادة والربيع ، وبه قال الجبائى والطبري .
وقال الشافعي ان أخذ المال جهرا كان للامام صلبه حيا وان لم يقتل .
وموضع ( ان يقتلوا ) رفع ، وتقديره انما جزاؤهم القتل أو الصلب أو القطع .
ومعنى ( انما ) ليس جزاؤهم الا هذا .
قال الزجاج : إذا قال جزاؤك عندي كذا ، جاز أن يكون معه غيره ، فإذا قال انما جزاؤك كذا ، كان معناه ما جزاؤك عندي كذا .
( فصل ) واختلفوا في سبب نزول هذه الاية ، فقال ابن عباس والضحاك نزلت في قوم كان بينهم وبين النبي عليه السلام معاهدة فنقضوا العهد وأفسدوا في الارض فخبر الله نبيه فيما ذكر في الاية ، وقال الحسن وعكرمة نزلت في أهل الشرك ، وقال قتادة وأنس وابن جبير والسدي أنها نزلت في العرنيين والعكليين حين ارتدوا وأفسدوا في الارض فأخذهم النبي عليه السلام وقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وسمل أعينهم ، وفى بعض الاخبار أنه أحرقهم بالنار ( 1 ) .
ثم اختلفوا في نسخ هذا الحكم الذى فعله بالعرنيين : فقال البلخى وغيره نسخ ذلك بنهيه عن المثلة ، ومنهم من قال حكمه ثابت في نظرائهم لم ينسخ .
وقال آخر : لم يسمل النبي عليه السلام أعينهم ، وانما أراد أن يسمل فأنزل الله آية المحاربة ، والذى نقوله : ان كان فيهم طائفة ينظرون لهم حتى يقتلوا قوما
( 1 ) انظر مجمع البيان 2 / 188 واسباب النزول للواحدي ص 129 .