فقه القرآن-ج1-ص364
قال سعيد بن جبير ومجاهد : غير باغ على امام المسلمين ولا عاد بالمعصية طريق المحقين ، وهو المروي عن الباقر والصادق عليهما السلام ( 1 ) .
وقال الرماني : ان هذا لا يسوغ .
قال : لانه تعالى لم يبح لاحد قتل نفسه بل حظر ذلك عليه .
وهذا الذي ذكره غير صحيح ، لان من بغى على امام عادل فأدى ذلك إلى تلف نفسه فهو المعرض لقتل نفسه ، كما لو قتل في نفس المعركة فانه المهلك لها ، فلا يجوز لذلك استباحة ما حرم الله كما لا يجوز له أن يستبقى نفسه بقتل غيره من المسلمين .
والرخصة تتناول الميتة ، وان كانت عند المفسرين بصورة المجاعة [ فليست لمكان المجاعة على الاطلاق ، بل يقال انما ذلك للمجاعة ] ( 2 ) التى لم يكن هو المعرض نفسه لها ، فأما إذا عرض نفسه فلا يجوز له استباحة المحرم كما قلناه في قتل نفس الغير ليدفع عن نفسه القتل ( 3 ) .
( فصل ) وإذا قوتل البغاة فلا يبتدأون بالقتال الا بعد أن يدعوا إلى ما ينكرون من أركان الاسلام ، كما فعل أمير المؤمنين عليه السلام بالخوارج .
قال تعالى ( ادع إلى ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ) ( 4 ) فالجدال قتل الخصم عن مذهبه بطريق الحجاج وحل شبهه .
و ( التي هي أحسن ) قيل الرفق والوقار والسكينة مع نصرة الحق بالحجة .
و ( الحكمة ) المقالة الحسنة المحكمة الصحيحة التي تزيل الشبهة وتوضح الحق .
( 1 ) مجمع البيان 1 / 257 .
( 2 ) الزيادة من ج .
( 3 ) انظر هذا الكلام مع تغيير في بعض الالفاظ في مجمع البيان 1 / 257 .
( 4 ) سورة النحل : 125 .