فقه القرآن-ج1-ص362
أي إلى احياء امركم بجهاد عدوكم مع نصر الله اياكم ( واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه ) بالموت وبالجنون وزوال العقل فلا يمكنه استدراك ما فات .
ثم قال ( واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) ( 1 ) عن ابن عباسأمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب .
وقال تعالى ( ليسوا سواء من اهل الكتاب ) الاية ، عن ابن عباس نزلت هذه الاية لما أسلم عبد الله بن سلام وجماعة معه ، قالت أحبار اليهود : ما آمن بمحمد الا أشرارنا ، فأنزله الله إلى قوله ( وأولئك من الصالحين ) ( 2 ) .
وقوله ( ويؤمنون بالله واليوم الاخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ) ( 3 ) صفة قوله ( أمة قائمة ) .
وليس طريق وجوبهما العقل ، وانما طريق وجوبهما السمع ، وعليه اجماع الامة .
وانما الواجب بالعقل كراهة المنكر فقط ، غير أنه إذا ثبت بالسمع وجوبه فعلينا ازالة المنكر بما يقدر عليه من الامور الحسنة دون القبيحة ، لانه لا يجوز ازالة قبيح بقبيح آخر .
وليس لنا أن نترك أحدا يعمل بالمعاصي إذا أمكننا منعه منها ، سواء كان المعصية من أفعال القلوب – مثل اظهار المذاهب الفاسدة – أو من أفعال الجوارح .
ثم ينظر فان كان أمكننا ازالته بالقول فلا مزيد عليه وان لم يكن الا بالمنع من غير اضرار لم يزد على ذلك ، فان لم يتم دفعه الا بالحرب فعلناه .
وان كان عند اكثر أصحابنا هذا الجنس موقوفا على اذن السلطان فيه .
وانكار المذاهب الفاسدة لا يكون الا باقامة الحجج والبراهين والدعاء إلى
( 1 ) سورة الانفال : 25 .
( 2 ) سورة آل عمران : 114 .
( 3 ) سورة آل عمران : 114