فقه القرآن-ج1-ص357
لما فيه من وجه القبح ، ويقتضيه الاقرار ، وهو اظهار تقبل الشئ من حيث هو صواب وحكمة وحسن .
ولا خلاف أن الامر بالمعروف والنهى عن المنكر واجبان على ما ذكرناه .
واختلف المتكلمون ايضا في وجوبهما : فقيل انه من فروض الكفايات ، وقال آخرون هو من فروض الاعيان ، وهو الصحيح .
وقال بعض أصحابنا انهما ربما يجبان على التعيين وربما يجبان على الكفاية .
فصل
) ويدل على وجوبهما زائدا على ما ذكرناه قوله تعالى ( الذين ان مكناهم في الارض اقاموا الصلاة وآتوا الزكاة وأمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر ) ( 1 ) .
وذلك لان ما رغب الله فيه فقد أراده ، وكل ما أراده من العبد شرعا فهو واجب ، الا أن يقوم دليل على أنه نفل ، ولان الاحتياط يقتضى ذلك .
و ( المعروف ) الحق ، وسمي به لانه يعرف صحته .
وسمي ( المنكر ) منكرا لانه لا يمكن معرفة صحته بل ينكر .
والناس اختلفوا في ذلك : فقال قوم ان طريق انكار المنكر العقل ، لانه كما يجب كراهته وجب المنع منه إذا لم يمكن قيام الدلالة على الكراهية ، والا كان تاركه بمنزلة الراضي به .
وقال آخرون – وهو الصحيح عندنا – ان طريق وجوبه السمع ، وأجمعت الامة على ذلك .
ويكفى المكلف الدلالة على كراهيته من جهة الخبر وما جرى مجراه .
فان قيل : هل يجب في انكار المنكر حمل السلاح .
قلنا : نعم إذا احتيج إليه بحسب الامكان ، لانه تعالى قد امر به ، فإذا لم
( 1 ) سورة الحج : 41 .