پایگاه تخصصی فقه هنر

فقه القرآن-ج1-ص353

وانما حذف للايذان أن المصلحة فيما فعل ليست بواحدة ليسليهم عما جرى عليهم ، وليبصرهم أن العبد يسؤه ما يجري عليه من المصائب ولا يشعر أن لله في ذلك من المصالح ما هو غافل عنه .

( ويتخذ منكم شهداء ) أي وليكرم ناسا منهم بالشهادة ، يريد المستشهدين يوم أحد وليصفيهم من الذنوب .

( ويهلك الكافرين ) يعني ان كانت الدولة على المؤمنين فللاستشهاد والتمحيص وغير ذلك مما هو أصلح لهم ، وان كانت على الكفار فلمحقهم ومحو آثارهم .

( فصل ) ثم قال تعالى ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ) ( 1 ) .

أم منقطعة ، ومعنى الهمزة فيها للانكار ، ومعنى ( لما يعلم الله ) أي لما تجاهدوا ، لان العلم يتعلق بالمعلوم ، فنزل نفي العلم منزلة نفي متعلقه ، لانه منتف بانتفائه .

يقول القائل ( ما علم الله في فلان خيرا ) يريد ما فيه خير حتى يعلم .

ثم خاطب الذين لم يشهدوا بدرا فقال ( ولقد كنتم تمنون الموت ) فكانوا يتمنون أن يحضروا مشهدا مع النبي عليه السلام ليصيبوا من كرامة الشهادة ما نال شهداء بدر ، وهم ألحوا على رسول الله في الخروج إلى المشركين ، وكان رأيه في الاقامة بالمدينة للوحي به .

يعنى وكنتم تتمنون الموت قبل أن تشاهدوه وتعرفوا شدته ( فقد رأيتموه وأنتم تنظرون ) أي رأيتموه معاينين مشاهدين له حتى قتل من قتل من اخوانكم وأقاربكم وشارفتم أن تقتلوا .

وهذا توبيخ لهم على تمنيهم الموت ، وعلى ما تسببوا له من خروج رسول الله بالحاحهم عليه ثم انهزامهم عنه وقلة ثباتهم عنده .

( 1 ) سورة آل عمران : 142 .