پایگاه تخصصی فقه هنر

فقه القرآن-ج1-ص352

( فصل ) وأما قوله ( وتلك الايام نداولها بين الناس ) ( 1 ) آى نصرفها مرة لفرقة ومرة عليها ، ليمحص الله المؤمنين بذلك من الذنوب ويخلصهم به ويهلك الكافرين بالذنوب .

فان قيل : لم جعل الله مداولة الايام بين الناس وهلا كانت أبدا لاولياء الله ؟ .

قلنا : ذلك تابع للمصلحة وما تقتضيه الحكمة أن يكونوا تارة في شدة وتارة في رخاء ، فيكون ذلك داعيا لهم إلى فعل الطاعة واحتقار الدنيا الفانية المنتقلة من قوم إلى قوم حتى يصير الغني فقيرا والفقير غنيا والنبيه خاملا والخامل نبيها ، فتقل الرغبة حينئذ فيها ويقوى الحرص على غيرها مما نعيمه دائم .

والمراد بالايام أوقات الظفر والغلبة .

( نداولها ) أي نصرفها بين الناس ، نديل تارة لهؤلاء وتارء لهؤلاء ، كقوله : فيوما علينا ويوما لنا

ويوما نساء ويوما نسر وفى أمثالهم ( الحرب سجال ) .

( وليعلم الله الذين آمنوا ) فيه وجهان : أحدهما أن يكون المعلل محذوفا ، معناه واستمر التائبون على الايمان من الذين على حرف فعلنا ذلك ، وهو من باب التمثيل ، يعنى فعلنا ذلك فعل من يريد أن يعلم من الثابت على الايمان منكم من غير الثابت ، والا فالله لم يزل عالما بالاشياء قبل كونها .

والثانى أن تكون العلة محذوفة ، وليعلم عطف عليه ، معناه وفعلناه ذلك ليكون كيت وكيت ونعلمهم علما ، فتعلق به الجزاء ، وهو أن نعلمهم موجودا منهم الثبات ،

( 1 ) سورة آل عمران : 140 .