فقه القرآن-ج1-ص340
اخبر ان من ولى دبره على غير وجه التحرف للقتال والتحيز إلى الفئة انه رجع بسخطه تعالى ، وتقديره الا رجلا متحرفا يتحرف ليقاتل أو يكون منفردا فينحاز ليكون مع المقاتلة ، ولا يجوز ان يفر واحد من واحد ولا من اثنين ، فان فر منهما كان مأثوما ، ومن فر من اكثر من اثنين لم يكن عليه شئ .
واما قوله تعالى ( ما كان لاهل المدينة ومن حولهم من الاعراب ان يتخلفوا عن رسول الله ) ( 1 ) فان الله لما قص في هذه السورة قصة الذين تأخروا عن رسول الله عليه السلام والخروج معه إلى تبوك ، ذكر عقيب ذلك ان ليس لهم ان يتأخروا عن رسول الله ، وهذه فريضة الزمها الله اياها .
قال قتادة : حكم هذه الاية مختص بالنبي عليه السلام ، كان إذا غزا لم يكن لاحدان يتأخر عنه ، فأما من بعده من الخلفاء فذلك جائز .
وقال الاوزاعي وابن المبارك وجماعة : ان هذه الاية لاول الامة وآخرها من المجاهدين في سبيل الله .
وقال ابن زيد : هذا حين كان المسلمون قليلون ، فلما كثر نسخ بقوله تعالى ( وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ) ( 2 ) .
وهذا هو الاقوى .
لانه لا خلاف أن الجهاد فرض على الكفاية ، فلو لزم كل أحد النفر لصار من فروض الاعيان ، أما من استنهضه الامام فيجب عليه النهوض ولا يجوز له التأخر .
( فصل ) وقد أدب الله بتأديب الحرب وعلم بها ، فقال ( يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون
وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا ) ( 3 ) .
( 1 ) سورة التوبة : 120 .
( 2 ) سورة التوبة : 122 .
( 3 ) سورة الانفال : 45 – 46 .