فقه القرآن-ج1-ص329
الاجماع عليه اليوم وقد انقرض خلاف عطاء .
ثم قال ( وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم ) .
فان قيل : كيف كره المؤمنون الجهاد وهو طاعة الله .
قيل عنه جوابان : احدهما انهم يكرهونه كراهية طباع ، الثاني انه كره لكم قبل أن يكتب عليكم .
وعلى الوجه الاول تكون لفظة الكراهة مجازا ، وعلى الثاني حقيقة .
ومما يدل على وجوب الجهاد أيضا قوله سبحانه ( وجاهدوا في الله حق جهاده ) ( 1 ) عن ابن عباس أي جاهدوا المشركين وجاهدوا أنفسكم ، وهو على العموم ، والخطاب متوجه إلى جميع المؤمنين لقوله قبل هذه الاية ( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون
وجاهدوا في سبيل الله حق جهاده ) فجاهدوا أمر بالغزو ، ومجاهدة النفس فيه وفي كل طاعة ، وجهاد النفس هو الجهاد الاكبر .
وقوله ( وفي الله ) أي في ذات الله ومن أجله تعالى .
فان قيل : ما وجه اضافة قوله ( حق جهاده ) فالقياس حق الجهاد فيه أو حق جهادكم فيه .
قلنا : الاضافة تكون بأدنى ملابسة وأقل اختصاص ، فلما كان الجهاد مختصا بالله من حيث انه مفعول لوجهه ومن أجله صحت الاضافة إليه .
ويجوز أن يتبع في الظرف ، وكذلك خاطب المؤمنين فقال ( وقاتلوا في سبيل الله الذين يقاتلونكم ) ( 2 )أمرهم بالجهاد وبقتال المقاتلين دون النساء .
وقيل : الاية منسوخة بقوله ( اقتلوا المشركين حيث وجدتموهم ) ( 3 ) وبقوله
( 1 ) سورة الحج : 87 .
( 2 ) سورة البقرة .
190 .
( 3 ) سورة التوبة : 5 .