فقه القرآن-ج1-ص303
وقوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ) ( 1 ) أي يا ايها الذين صدقوا الله فيما اوجب عليهم لا تحلوا حرمات الله ولا تعدوا حدوده ولا تحلوا معالم حدود الله وأمره ونهيه وفرائضه ولا تحلوا حرم الله وشعائر حرم الله ورسوله ومناسك الحج .
عن ابن عباس المعنى لا تحلوا مناسك الحج فتضيعوها ، وقال مجاهد شعائر الله الصفا والمروة والهدي من البدن وغيرها .
وقال الفراء كانت عامة العرب لا ترى الصفا والمروة من شعائر الله ولا يطوفون بهما فنهاهم الله عن ذلك ، وهو قول ابى جعفر عليه السلام .
وقال قوم لا تحلوا ما حرم الله عليكم في احرامكم .
وقيل الشعائر العلامات المنصوبة للفرق بين الحل والحرم ، نهاهم الله أن يتجاوزوا المواقيت إلى مكة بغير احرام .
وقال الحسين بن علي المغربي : المعنى لا تحلوا الهدايا المشعرة هدايا للبيت .
وقريب منه ما روي عن ابن عباس ايضا ان المشركين كانوا يحجون البيت ويهدون الهدايا ، فأراد بعض المسلمين أن يغيروا عليهم فنهاهم الله عنه .
والعموم يتناول الكل .
ثم قال ( ولا الشهر الحرام ) أي لا تستحلوا الاشهر الحرم كلها بالقتال فيها اعداءكم هؤلاء من المشركين ولا تستحلوها بالنسئ ، انما النسئ زيادة في الكفر ( 2 ) .
وقوله تعالى ( ولا القلائد ) أي ولا تحلوا الهدي المقلد .
وانما كرر لانه أراد
( 1 ) سورة المائدة : 2 .
( 2 ) في التبيان : قال أبو على : كانوا يؤخرون الحج في كل سنة شهرا ، وكان الذى ينسئون بنى سليم وغطفان وهوازن ، وافق ذلك في الحجة ، فلما حج النبي صلى الله عليه وآله في العام المقبل وافق ذلك في ذى الحجة ، فلذلك قال : لا ان الزمان قد استدار كهيئة يوم خلق السماوات والارض – في قول مجاهد .
وكأن النسئ المنهى في الاية تأخير الاشهر الحرم عما وقتها الله تعالى ، وكانوا في الجاهلية يعملون ذلك ، وكان الحج يقع في غيره وفيه ، فبين الله ان ذلك زيادة في الكفر ( ه ج ) .