فقه القرآن-ج1-ص286
وظاهر الاية خبر ومعناه أمر ، لانه ايجاب الحج على الناس .
وفي مورد هذا الايجاب في صورة الخبر نكتة مليحة يطلع عليها من تدبره .
وفيها مداراة واستمالة لان المأمور به ينكسر بالامر ، واكثر كلام الله وكلام رسوله الوارد على لفظ الخبر اما يتضمن الامر أو النهي .
( فصل ) ومما يدل على ان
الوقوف بالمشعر الحرام واجب وهو ركن من أركان الحج
– بعد الاجماع المذكور – قوله تعالى ( فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله عند المشعر الحرام ) ( 1 ) ، والامر شرعا على الايجاب ، ولا يجوز أن يوجب ذكر الله فيه الا وقد أوجب الكون فيه .
ولان كل من أوجب الذكر فيه اوجب الوقوف به .
فان قالوا : نحمل ذلك على الندب .
قلنا : هو خلاف الظاهر ، ويحتاج إلى دلالة ولا دليل .
فان قيل : هذه الاية تدل على وجوب الذكر وأنتم لا توجبونه وانما توجبون الوقوف به كالوقوف بعرفة .
قلنا : لا يمتنع أن نقول بوجوب الذكر بظاهر هذه الاية .
وبعد ، فان الاية تقتضي وجوب الكون في المكان المخصوص والذكر جميعا ، فإذا دل الدليل على أن الذكر مستحب غير واجب أخرجناه من الظاهر وبقي الاخر يتناوله الظاهر .
وتقدير الكلام : فإذا أفضتم من عرفات فكونوا بالمشعر الحرام واذكروا الله فيه .
فان قيل : الكون في المكان يتبع الذكر في وجوب أو استحباب ، لانه انما يراد له ومن أجله ، فإذا ثبت أن الذكر مستحب فكذلك الكون .
قلنا : لا نسلم أن الكون في ذلك المكان تابع للذكر ، لان الكون به عبادة
( 1 ) سورة البقرة : 198 .