فقه القرآن-ج1-ص275
طاعة ، من حيث أنه جواب لمن توهم أن فيه جناحا لصنمين كانا عليهما احدهما أساف والاخر نائلة ، وروي ذلك عنهما عليهما السلام ( 1 ) ، وكان ذلك في عمرة القضاء ولم يكن فتح مكة بعد ، وكانت الاصنام على حالها حول الكعبة .
وقال قوم : سبب ذلك أن أهل الجاهلية كانوا يطوفون بينهما ، فكره المسلمون ذلك خوفا أن يكون من أفعال الجاهلية ، فأنزل الله ( فلا جناح عليه أن يطوف بهما ) .
وقال آخرون على عكس ذلك ، وذكروا أن اهل الجاهلية كانوا يكرهون السعي بينهما ، فظن قوم أن في الاسلام مثل ذلك ، فأنزل الله الاية .
وجملته أن في الاية ردا على جميع ما كرهه من كرهه لاختلاف أسبابه على الاجوبة الثلاثة .
( فصل ) قوله تعالى ( ومن تطوع خيرا فان الله شاكر ) ( 2 ) لا يدل على أن السعي بين الصفاوالمروة مستحب متطوع ، لان معناه ومن تطوع خيرا بالصعود على الصفا والمروة فهو المجازى بالثواب على تطوعه ، وفيمن لم يصعد ولم يقف على رؤوسهما وسعى وطاف بينهما من طرف هذا إلى طرف تلك ومن طرف تلك إلى طرف هذا هكذا سبعا فقد أدى الواجب فلا جناح عليه .
وقال انس وعطا ان جميع ذلك تطوع ، وبه قال أبو حنيفة .
وعندنا ان من ترك الطواف بينهما متعمدا فلا حج له حتى يعود ويسعى ، وبه قالت عائشة والشافعي .
وقال أبو حنيفة ان عاد فحسن والا جبره بدم .
وقال عطا ومجاهد يجزيه ولا شئ عليه .
وقال المفسرون في معنى قوله ( ومن تطوع خيرا ) ثلاثة أقوال : أولها من
( 1 ) عن الباقر والصادق عليهما السلام – انظر تفسير البرهان 1 / 169 .
( 2 ) سورة البقرة : 158 .