فقه القرآن-ج1-ص216
القاطع وما عداه باق تحت الظاهر ، فان تعلق المخالف بقوله ( وآتوا حقه يوم حصاده ) ( 1 ) وانه عام في جميع الزروع وغيرها مما ذكر في الاية .
فالجواب عنه : انا لا نسلم أن قوله ( وآتوا حقه ) يتناول العشر ونصف العشر المأخوذ على سبيل الزكاة ، فمن ادعى تناوله لذلك فعليه الدلالة .
وعند أصحابنا أن ذلك يتناول ما يعطى المسكين والفقير المجتاز وقت الحصاد والجذاذ ( 2 ) من الجفنة والضغث ( 3 ) ، فقد رووا ذلك عن الائمة عليهم السلام ، فمنه ما روي عن أبى جعفر عليه السلام في قوله ( وآتوا حقه يوم حصاده ) قال : ليس ذاك الزكاة ، ألا ترى أنه قال ( ولا تسرفوا انه لا يحب المسرفين ) ( 4 ) .
وهذه نكتة منه عليه السلام مليحة ، لان النهى عن السرف لا يكون الا فيما ليس بمقدر ، والزكاة مقدرة .
وليس لاحد أن يقول : ان الاسراف ههنا هو أن يعطى غير المستحق .
لان ذلك مجاز ، ولا يجوز ترك الظاهر الذي هو الحقيقة والخروج إلى المجاز الا بدليل ، ولا دليل ههنا .
وروي عن أبى عبد الله عليه السلام انه قيل له : يابن رسول الله وما حقه ؟ قال : يناول منه المسكين والسائل ( 5 ) .
والاحاديث بذلك كثيرة ، ويكفي احتمال اللفظ .
وان كان يقوي هذا التأويل أن الاية تقتضي أن يكون العطاء في وقت الحصاد والعشر المفروض أو نصفه في
( 1 ) سورة الانعام : 141 .
( 2 ) قال الجوهرى : جذ النخل يجذه أي صرمه ، واجذ النخل حان له أن يجذ ، وهذا من الجذاذ والجذاذ – أي بفتح الجيم وكسره – مثل الصرام والصرام ( ه ج ) .
( 3 ) الجفن قضبان الكرم ، الواحدة جفنة ، قضبت أي قطعت أغصانه ايام الربيع ، قضبه أي قطعه والضغث قطعة حشيش مختلطة الرطب باليابس – من هامش نسخة م .
( 4 ) تفسير البرهان 1 / 555 .
( 5 ) تفسير البرهان 1 / 556 .